* وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: خرج عطاء بن يسار، وسليمان بن يسار رحمهما الله حاجّين من المدينة، ومعهما أصحاب لهم، حتى إذا كانوا بالأبْواء نزلوا منزلاً، فانطلق سليمان، وأصحابه لبعض حاجتهم، وبقي عطاء بن يسار قائمًا في المنزل يصلي. [صفة الصفوة 2/ 439].

قال: فدخلتْ عليه امرأة من الأعراب جميلة، فلما رآها عطاء ظن أن لها حاجةً، فأوجز في صلاته، ثم قال: ألك حاجة؟ قالت: نعم. قال: ما هي؟ قالت: قم فأصِبْ مني فإني قد ودِقتُ ولا بعل لي، فقال: إليكِ عني لا تحرقيني ونفسَك بالنار.

ونظر إلى امرأة جميلة، فجعلت تراوده عن نفسه، ويأبى إلا ما يريد. قال: فجعل عطاء يبكي ويقول: ويحك إليك عني. قال: اشتد بكاؤه، فلما نظرت المرأة إليه، وما داخله من البكاء والجزع بكت المرأة لبكائه، قال: فجعل يبكي، والمرأة بين يديه تبكي، فبينما هو كذلك إذ جاء سليمان من حاجته فلما نظر إلى عطاء يبكي، والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت بكى لبكائهما لا يدري ما أبكاهما، وجعل أصحابهما يأتون رجلاً رجلاً كلما أتى رجل، فرآهم يبكون جلس يبكي لبكائهم لا يسألهم عن أمرهم حتى كثر البكاء، وعلا الصوت، فلما رأت الأعرابية ذلك قامت، فخرجت.

قال: فقام القوم فدخلوا، فلبث سليمان بعد ذلك وهو لا يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلالاً له وهيبة. قال: وكان أسنَّ منه.

قال: ثم إنهما قَدِما مصر لبعض حاجتهما، فلبثا بها ما شاء الله، فبينا عطاء ذات ليلة نائم إذ استيقظ وهو يبكي. فقال سليمان: ما يبكيك يا أخي؟ قال: فاشتد بكاؤه. قال: ما يبكيك يا أخي؟ قال: رؤيا رأيتها الليلة. قال: وما هي؟ قال: لا تخبر بها أحدًا ما دمتُ حيًا: رأيت يوسف النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم، فجئت أنظر إليه، فيمن ينظر إليه، فلما رأيت حسنه بكيت، فنظر إليّ في الناس، فقال: ما يبكيك أيها الرجل؟ فقلت: بأبي أنت وأمي يا نبي الله، ذكرتك وامرأة العزيز وما ابتُليتَ به من أمرها، وما لقيتَ من السجن، وفُرقة يعقوب، فبكيت من ذلك، وجعلت أتعجّب منه. قال: فهلاّ تعجّبت من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015