كان الناسُ منه على ثلاث منازل: فمنهم مَن له ولا عليه، ومنهم مَن عليه ولا له، ومنهم من لا عليه ولا له! فقلت: وكيف ذاك؟ قال: أما مَن له ولا عليه، فرجلٌ اغتنم غفلةَ الناس وظلمةَ الليل، فتوضأ وصلَّى، فذاك له ولا عليه، ورجل اغتنم غفلة الناس، وظلمةَ الليل، فمشى في معاصي الله، فذاك عليه ولا له، ورجل نام حتى أصبح، فذاك لا له ولا عليه.
قال طارق: فقلت: لأصحبنَّ هذا. فَضُرب على الناس بعثٌ، فخرج فيهم، فصحبته وكنت لا أفضله في عمل، إن أنا عجنت خَبَزَ وإن خبزت طبخ، فنزلنا منزلاً فبتنا فيه، - وكانت لطارق ساعة من الليل يقومها - فكنت أَتيقظ لها فأجده نائمًا، فأقول: صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خيرٌ مني نائم، فأنام ثم أَقوم فأجده نائمًا فأنام، إلا أنه كان إذا تعارّ من الليل قال وهو مضطجع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير. حتى إذا كان قبيل الصبح قام فتوضأ ثم ركع أربع ركعات. فلما صلّينا الفجر قُلت: يا أيا عبد الله! كانت لي ساعة من الليل أقومها وكنت أتيقظ لها فأجدك نائمًا، قال: يا ابن أخي! فإِيشٍ (?) كنت تسمعني أقول؟ فأخبرته، فقال: يا ابن أخي تلك الصلاة، إن الصلوات الخمسَ كفارات لما بينهن ما اجتنبت المقتلة، يا ابن أخي عليك بالقصد فإنه أبلغ. (?)
[السير (تهذيبه) 1/ 204].