إذاً أين الأحاديث المتواترة في فضل الصحابة، على من بعدهم؟ هذا لا يمكن أن يتصور أنه سبق إلى ذهن أحد.

وقد يكون مقصود الرسول صلى الله عليه وسلم بالحديث الإشارة إلى المهدي، وعيسى وما يكون معهما من الفضل والمكانة، وعل أي حال فلا إشكال في الأمر، وبذلك تدركون خطورة إدخال العقل في السنة على هذا النمط، كون عقلي الشخصي، إذا تعسر عليه فهم حديث، أو الجمع بينه وبين آية أو حديث آخر سارع في الإنكار.

3- وفي نفس الحديث رجح عليه حديث (لا تزال طائفة من أمتي) ولا علاقة لهذا بهذا، لأن الطائفة المنصورة ليست شاملة للأمة كلها، بل هي طائفة من الأمة قد تقل أو تكثر، فلا علاقة لها بحديث أنس.

في صفحة (195) من كتاب "دستور الوحدة" أنكر حديث مسلم في والدي الرسول صلى الله عليه وسلم، في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (إن أبي وأباك في النار) وكذلك بالنسبة لأمه صلى الله عليه وسلم قال: (استأذنت ربي أن أزور قبر أمي فأذن لي، واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي) ونزل صلى الله عليه وسلم في قبرها -وهو بالأبواء- فبكى وأبكى من حوله، ولم يأت الغزالي بحجة تذكر لإنكار هذين الحديثين، سوى ترجيح الآية وهي قوله تعالى: [وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا] والجواب على هذا من أمور:

أ- كون والد النبي صلى الله عليه وسلم في النار هذا جاء في نص صريح لا إشكال فيه وهو إجماع عند العلماء كما نقله ملا علي القاري في كتبه "عقيد أبي حنيفة الإمام في أبوي النبي عليه الصلاة والسلام" -والعهدة على الناقل.

ب- أما أهل الفترة عموماً فذهب جماهير الأمة من سلفها وخلفها، ونقله الأشعري عن أهل السنة والجماعة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حزم وغيرهم من العلماء المحققين أن أهل الفترة يمتحنون في يوم القيامة، وقد ورد في ذلك أحاديث منها حديث أنس عند أبي يعلى والبزار، وحديث الأسود بن سريع عند أحمد، وحديث سعيد عند البزار، وهي أمثل ما ورد في هذا الباب، وبعضها يشد بعضاً، ولذلك يصلح أن يقال إن الحديث في ذلك حسن أو صحيح.

ج- أن بعض العرب كان لديهم علم بالأديان السابقة والشرائع، ومن هؤلاء أمية بن أبي الصلت، ومنهم ورقة بن نوفل، ومنهم الحنفاء وكانوا عدداً غير قليل، بعضهم تنصر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015