سنة 1167

وفي يوم الثلاثاء رابع عشر شوال خرج المحمل الشريف بالموكب المنيف وبالأمير الخطير الحاج أسعد باشا. وكانت الحجة الحادية عشر من حجاته المتواليات. وفي تلك الأيام جاء طوخان إلى مصطفى بيك بن إسماعيل باشا العظم أخي أسعد باشا، وأن يكون محافظاً للجردة مع أخيه سعد الدين باشا أميرين في سفر الجردة. وقبل خروجهم بيوم قامت قبقول دمشق قاطبةً بالأسلحة، وعملوا جمهوراً، وقامت اليمق على الأرطلية. وهذه الفتنة بسبب رجل صار قبقولي فما قبلوه ولا ارتضوه، وسكّرت الأسواق واشتغل ضرب الرصاص وجرحوا بعضهم بعضاً، وما صلح الأمر إلاّ بتبطيل الرجل من الوجاق، وعزل الأضباشي والأصطا. وكان عيد الأضحى هذه السنة يوم الأحد. وطلعت أخبار في تلك الأيام بتغيير السلطان ومجيء أحمد باشا ابن القلطقجي، فارتبكت وانخبطت القبقول، ثم بان بأن الأمر كذب لا أصل له، وحرقوا الخشبة وداروا في الأسواق. وفي يوم الجمعة والناس في صلاتها سلخ ذي الحجة كسفت الشمس.

وفي تلك الأيام جاء خبر بأن محمد باشا حاكم صيدا مات وكان على ما نقلوا أنه ظالم غاشم مصادر الناس بأموالها، حتى هرب أهل صيدا إلى جميع البلاد.

سنة 1167

ثم دخلت سنة سبع وستين ومئة وألف يوم السبت وبهذا اليوم سافر قاضي الشام صالح منلا طالباً إسلامبول. وفي سابع المحرم قدم القاضي الجديد، ونزل في محكمة النورية المسماة بمحكمة الباب. وفي ثامن عشر قتل أحمد آغا بن سنان في باب المصلى، وهو من قرية قريبة من قطنا.

وفي ليلة الجمعة عشرين من المحرم توفي بقية العلماء الأعلام مفتي السادة الشافعية وأفصح من نطق بالعربية الشيخ محمد أفندي الغزي، ودفن بمرج الدحداح، رحمة الله عليه وعلى أموات المسلمين.

ونهار الثلاثاء رابع وعشرين المحرم قدم جوقدار الحج الشريف مبشِّراً بكل خير عميم. وفي أثناء هذه الأيام جاء مقرَّر الشام لحضرة الحاج أسعد باشا والي الشام.

وفي يوم الجمعة خامس صفر الخير دخل ركب الحاج الشامي بالصحة والسلامة أحسن من كل عام، وأخبرت الحجاج أنهم لم يحجّوا نظيرها من الرخاء الكثير والماء الغزير والأمن والأمان، ولم ينقص من الحجاج إلا الأفراد النادرة، وأن أمير الحاج خوزق أربع لصوص من أولاد الشام، وتوفي معهم تُرْبَدار، ومتولي جامع السلطان إبراهيم بن أدهم. وثاني يوم السبت دخل المحمل الشريف والموكب المنيف بالكواخي والبشاوات، فكان أولهم مصطفى باشا بن إسماعيل باشا العظم أخو الحاج أسعد باشا، وبعده أخوه سعد الدين باشا العظم، وبعده أخوهما الوزير الكبير الحاج أسعد باشا في ألاى حافل وعسكر وجحافل. وثالث يوم دخلت خزنة مصر، وكانت بثمانية أحمال، فتفرجت الناس ثلاث فرج بثلاثة أيام متتابعات: يوم دخول الحج ويوم دخول المحمل ويوم دخول خزنة مصر.

وفي ذلك العام من شهر محرم الحرام تمت قيسارية أسعد باشا والي الشام الذي لم يعمل مثلها في سائر بلاد الإسلام، وقد تم بناؤها بعد سنة وشهرين. قال المؤرخ: وقد بلغني أنه صرف عليها في كل يوم من الآلات والأجر ألف ومئة غرش، ولكن كما قال القائل: جزى الله الوسعة كل خير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015