وبهذا الشهر في جامع الأموي جلس رجل يعدّ ذهباً معه، جاء رجل وخطفهم أمام مئات من الناس، وأسرع في الجري فصاح صاحبهم، فأدركه بعض أعوان السياسة، فأعطاه شيئاً من الذهب فتركه. وبهذا الشهر أيضاً رجل حمل ولده وعلى رأسه شيء من الدنانير، فتبعه لص حتى دخل حامل الولد زقاقاً، فخطف الدنانير والطاقية وذهب. وفي ليلة السبت عاشر رمضان بعد ما سكّر بوّاب حرم الأموي الأبواب نام، فجاء المؤذنون وطرقوا باب الجامع، فقام ليفتح لهم فوجد ثيابه مفقودة، فأعلمهم بذلك، فدخلوا وسكّروا وفتّشوا الحرم جميعهم، فلم يجدوا أحداً والأغرب أن جميع الأبواب مسكّرة، ثم ذهبوا لجهة الضريح، فوجدوا ثمانية قناديل من فضة مفقودة وقنديل واحد من ذهب، ولم يعلم لهم غريم.
وفي سابع رمضان المبارك جاء ركب الصرة أميني من إصطنبول. وفي يوم الخميس في نصف رمضان دخل حضرة الوزير أسعد باشا إلى الشام حين كان غائباً في الدورة، وهو والحمد لله في غاية الصحة والسلامة. وفي يوم السبت سابع عشر رمضان جاءت البلطجية من إسلامبول ومعها اثنان وعشرون تخت أروام ومعها أيضاً ابن الوزير الأعظم المنفصل عن الوزارة في هذه السنة ومعه الملكة وطواشي كبير، وأخبروا أن الدولة العلية متضعضعة.
وفي يوم الجمعة كان يوم عيد الفطر، وصار في ذلك اليوم هزّة عظيمة، وهي فتنة صارت بين المغاربة وأولاد الشاغور، وسكنت ولله الحمد من غير قتل أحد. ونهار الاثنين رابع عيد الفطر غرق شاب في نقب الربوة وما ظهر له أثر. وفي ليلة الخميس خامس شوّال قُتِل إبراهيم آغا ابن قوسر، قوس في داره التي في قبر عاتكة، ولم يُعلَم قاتله.
ونهار الأحد سابع عشر شوّال رحل أسعد باشا العظم حفظه الله بموكب المحمل الشريف. وكانت السنة العاشرة من حجاته المتواليات بالركب الشامي أميراً ولدمشق الشام وزيراً. وبذلك اليوم جاء الركب الحلبي، وقبله بيومين جاءت قافلة العجم، وهي قليلة بالنسبة للعام الذي قبله، وقد نزلوا في الخراب والسويقة. وفي تاسع عشر شوال سار ركب الحج الشامي من دمشق بالسلامة قاصداً بيت الله الحرام. وبعد أيام نادى حضرة محمد آغا المتسلم على اللحم الرطل بثمانية عشر مصرية، وسمر جماعة من اللحامة، ولم يقبل رشوة ولا برطيلاً، وعدل في حكمه وفّقه الله تعالى حتى صارت الفقراء تدعو له جهاراً. وبعد مدة سعّر جميع البضائع وشدّد، وصار يأخذ بيد كل من يشتكي له، جزاه الله خيراً. وفي ذلك العام خزن الفحم، ففتش المتسلم وسعّر، فلم يفد ذلك شيئاً، ولم يصل أحد للفحم إلاّ من كان قويّاً مثل القبقولي والدالاتي.، ولم يجد المتسلم له بهذا الخصوص مساعد.
سنة 1166
ثم دخلت سنة ستة وستين ومئة وألف بنهار الثلاثاء أو الأربعاء جعلها الله سنة خير وبركة ورحمة علينا وعلى خلق الله أجمعين.
وفي غرتها أي غرة محرم دخل قاضياً للشام من أبناء الترك واسمه صالح ملاّ، فنزل من دار علي آغا بن الترجمان قريباً من باب القلعة وبطل الحكم من المحكمة القديمة المسماة بالكبرى.
وفي تلك الأيام وقع برج القلعة وأخذ البدن كله من بابها، وهكذا إلى آخر البرج من جهة القبلة، ولم يُقتل سوى رجل من القلعة. وفي تلك الأيام نزلت مطر كأفواه القرب ثلاثة أيام متوالية، أذهبت غالب مساطيح الزبيب وأتلفت البيادر. وبهذه الأيام في العشر الأول من المحرم شنق متسلم الشام ثلاثة أشخاص من اللصوص في شجرة الدالية التي في المرجة أمام باب التكية.
في منتصف محرم جاءت بشارة لدمشق: وهي مقرر لحضرة الحاج أسعد باشا والي الشام. وفي ليلة الاثنين ليلة عشرين من المحرم شنق المتسلم لصّاً في السويقة وقطع يد رجل نشّال. وفي سلخ محرم جاء كتّاب الجوقدار، وأخبر أن الحج في هذه السنة ذهب وآب من طريق الفرعي، وخرجت عليهم عرب وقضوا مشقة عظيمة، وصارت مقتلة جسيمة، ووقع نقص بالحاج وبالعسكر خصوصاً في المغاربة.