ابن أُذينة اللَّيثيّ: (*)
وقد قالتْ لأترابٍ ... لها زُهرٍ تلاقَينا
تعالَين فقد طابَ ... لنا اللَّيلُ تعالَينا
وغابَ البَرَمُ اللَّيلَ ... ةَ والعينُ فلا عَينا
فأقبلنَ إليها مُث ... قَلاتٍ يَتهادَينا
إلى مثلِ مَهاة الرَّمْ ... لِ تكسو المجلسَ الزَّينا
تمنَّين هواهُنَّ ... فكنَّا ما تمنَّينا
فبَينا ذاك سلَّمتُ ... فرَحَّبنَ وفدَّينا
مثل معنى هذه الأبيات قول ابن ميَّادة، ولا ندري أيَّهما أخذ من الآخر:
وكواعبٍ قد قلنَ يومَ إقامةٍ ... قولَ المُجدِّ وهنَّ كالمُزَّاحِ
يا ليتنا من غير أمرٍ مُنكرٍ ... طلعتْ علينا العِيس بالرَّمّاحِ
بَينا كذاك رأينَنِي مُتعصِّباً ... بالبُرد فوق جُلالةٍ سِرداحِ
فيهنَّ صفراءُ التَّرائب طَفلةٌ ... بيضاءُ مثلُ غَريضة التُّفّاحِ
رَيَّشن حين أردْن أنْ يقتُلْنَنا ... نَبْلاً مقذَّذةً بغير قِداحِ
ونظرنَ من خَلَل السُّتور بأعيُنٍ ... مرضَى مُخالطُها السّقامُ صِحاحِ
أخذ هذا المعنى العبَّاس بن الأحنف فقال:
ما على العَين لي ولا أمْ ... لكُ دمعيَ ذكرَ فوزٍ لرازِي
برزتْ في خرائدٍ خَفِراتٍ ... مُثقلاتِ الصُّدور والأعجازِ
يتلذَّذنَ بالحديثِ على ظَهْ ... رِ كثيبٍ قد حُفَّ بالأقوازِ
بَيْن ظَهر العَقيق والحوص ليلاً ... ونجومُ السَّماءِ ذاتُ انحيازِ
فتملَّين إذ خلوْن وأكثرْ ... نَ وأوجَزن أيَّما إيجازِ
فتمنَّعتْ لِقايَ فَوزٌ ودُوني ... فلواتٌ تَحارُ فيها الجَوازِي
نقص العبَّاس في أبياته هذه من المعنى لأنَّه لم يذكر أنَّ فوزاً لمَّا تمنَّته جاءها كما ذكر ذلك غيره، وقد أخذه ابن المعتز فأتى به في نهاية الجودة بقوله:
قالتْ لأترابٍ خلَون معاً ... وبكتْ فبلَّلَ دمعُها النَّحْرا
يا ليتهُ في مجلسٍ مَعنا ... نَشكو إليه النَّأيَ والهَجْرا
قالت ألا تنظُرَنْ قال بلَى ... صدقَتْ مُناكِ ولُقِّيتُ يُسْرا
ونهَضْنَ يُحلِينَ الحديثَ لنا ... كيلا يكُنَّ على الهوَى وَفْرا