بلا جِدَةٍ نالتْ يدَا مُسْتَميحِهِ ... سوَى أنَّه هشٌّ وإن كانَ يمنَعُ
هذا معنى ظريف غريب يقول: إنَّه وإن كانَ بخيلاً فهو طلق الوجه حسن البِشر فقاصده ينصرف شاكراً له وإن لم ينلْ منه شيئاً سوى طلاقة وجهه، وما أشبهه بقول الآخر:
أتيتُ ابنَ وهْبٍ أبتغِي فضلَ عُرفهِ ... وما زالَ حلوَ المنعِ حلوَ المذاهبِ
فأصفَحَني عن حاجتي بطلاقةٍ ... سلوتُ بها عن مُنفساتِ الرَّغائبِ
مثله لأبي هِفَّان:
أوسعتُ عَمراً ثنائي حين أوسعَني ... بِرَّ اللِّسان ووشكَ الصَّرفِ إذ صرَفا
حسبتُ باقيَ زادِي من مَواهبهِ ... وقمتُ أعقدُ حبلَ الرَّحلِ منصرِفا
فأُبتُ منه إلى أهلِي وبي رَمَقٌ ... لا مَطلَ عانيتُ منه لا ولا خُلُفا
ما نعرف من نظائر هذا المعنى غير ما ذكرنا ههنا.
المجنون:
قالتْ لجارتها يوماً تُسائلُها ... لمَّا استحمَّتْ وألقتْ عندها السَّلَبا
نَشدتُكِ اللهَ لمَّا قلتِ صادقةً ... أصادقٌ صفةُ المجنون أم كذَبا
وإلى هذا المعنى نظر عُمر بن أبي ربيعة بقوله:
ولقدْ قالتْ لأترابٍ لها ... وتعرَّتْ ذاتَ يومٍ تبتَرِدْ
أكما ينعتُنِي تنظُرْنَني ... عمْرَكنَّ اللهَ أمْ لا يقتصِدْ
فتضاحكنَ وقد قُلنَ لها ... حسَنٌ في كلِّ عَين مَن تَوَدّْ