بالانتساب إليهم لئلا يذكرا غيرهم من القبائل فيكون الَّذي يسألهما عن نسبهما يطلب تلك القبيلة التي ذكراها بطائلة فيقتلهما. وهذا من غريب الهجاء وبديعه. وشبيه به قول الآخر:
إذا الله عادى أهلَ لُؤم ودِقَّة ... فعادَى بني العَجلان رهطَ ابن مُقبلِ
قُبيِّلَة لا يغدرون بذمَّة ... ولا يظلمون النَّاسَ حبَّة خَردلِ
ولا يرِدون الماءَ إلاَّ عشيَّة ... إذا صدرَ الوُرَّادُ عن كلِّ منهلِ
يريد أنهم لا يستطيعون أن يغدِروا ولا يظلِموا أحداً ولا يرِدون الماء حتَّى يصدر النَّاس عنه لضعفهم وذلَّتهم، وهذا مثل قول بنْتي شعيب لموسى عليهما السلام وقد سألهما عن وقوفهما والنَّاس يسقون، وقد قالتا له: " لا نَسقي حتَّى يصدرَ الرِّعاءُ " فهؤلاء نساء وحقهم الضعف عن مقاومة الرجال.
وشبيه بهذا المعنى قول الأعجم:
وبشكر لا تستطيع الوفاءَ ... وتعجِز بشكرُ أن تغدِرا
فهذا ذكر أن الغدر في طباعهم إلاَّ أنهم يعجزون عنه لذلّهم وقهر النَّاس لهم. وذُكر أن بني العجلان استعْدَوْا عمر بن الخطَّاب على الَّذي هجاهم بالشعر الَّذي ذكرناه وقالوا: هجانا هجاء ما هُجيت العرب بأقبح منه. فقال لهم: أنشدوني ما قال فيكم، فأنشدوه:
قُبيِّلَة لا يغدرون بذمَّة ... ولا يظلمون النَّاسَ حبَّة خَردلِ
فقال: ليتَ الخطَّاب وأهل بيته وجميع بني عديّ بن كعب بهذه الصفة، لا يغدرون ولا يظلمون، ما أرى بأساً، هِيه، فقالوا:
ولا يردون الماء إلاَّ عشيَّة ... إذا صدر الوُرَّادُ عن كلّ منهل
فقال: ذاك أصفى للماء وأجَمّ له، ما أرى بأساً ولا على قائل هذا