فإذا مررتَ بقبره فاعْقِرْ بِهِ ... كُومَ الهِجان وكلَّ طرفٍ سابِحِ
فقال له المهلَّب: فهل عقرتَ عليه، يا أبا أُمامة، فرسك؟ قال: لا، قال: ولِمَ؟ قال: لأنِّي كنت على مُقْرِف ولو كنتُ على عتيق لفعلت، فاستحسن المهلَّب قوله وقال لمن حضر مجلسه من ولده ومواليه: ليُهد كلُّ واحدٍ منكم إلى زياد فرساً من خيله، فيقال إنَّه انصرف بأكثر من مائة فرس، وأوَّل هذه القصيدة المختارُ منها قوله:
قلْ للقوافلِ والغُزاة إذا غَزَوا ... والباكِرين وللمُجِدّ الرَّائحِ
إنَّ السماحةَ والمُغيرةَ ضُمِّنا ... قبراً بمروَ على الطَّريقِ الواضحِ
فإذا مررتَ بقبرِهِ فاعْقِرْ بِهِ ... كُومَ الهِجان وكلَّ طرفٍ سابِحِ
وانْضَحْ جوانبَ قبرهِ بدِمائها ... فلقد يكون أخا ندًى وذبائحِ
وإذا يُناحُ على فتًى فتعلَّمَنْ ... أنَّ المغيرةَ فوق نَوح النَّائحِ
وأرَى المكارمَ يوم زِيلَ بنَعْشه ... زالتْ بفضلِ مكارمٍ ومَمادحِ
فكفَى لنا حَزَناً ببيتٍ حَلَّهُ ... أُخرى الزَّمان فليس عنه ببارحِ
لعَفَتْ منابِرُهُ وحُطّ سُروجُهُ ... عن كلِّ طامحةٍ وطِرْفٍ طامِحِ
ماتَ المغيرةُ بعد طولِ تعرُّضٍ ... للموتِ بين أسنَّةٍ وصفائحِ
والقتلُ ليس إلى القتالِ ولا أرَى ... حَيّاً يؤخِّرُ للشَّفيق النَّاصِحِ
للهِ درُّ منِّيَّةٍ فاتتْ بهِ ... فلقد أراهُ يردُّ غَرْب الجامحِ
الآنَ لمَّا كنتَ أكملَ مَن مَشَى ... وافترَّ نابُكَ عن شَباة القارحِ
وتكامَلَتْ فيك المروءةُ كلّها ... وأعنْتَ ذلك بالفَعال الصَّالحِ
فانْعَ المغيرةَ للمُغيرة إذ بدتْ ... شَعواءَ مُجْحِرةً نُباحَ النَّابحِ
صفَّانِ مختلفانِ حين تلاقَيا ... آبُوا بوجْه مُطلِّق أو ناكحِ
تَشفي بحِلْمك لابْن عمِّك جهلَهُ ... وتَرُدُّ عنه كفاحَ كلّ مُكافحِ
وإذا الأُمورُ على الرِّجالِ تشابَهَتْ ... وتُوُزِّعتْ بمغالقٍ ومَفاتحِ
فتَلَ السَّحيلُ بمبْرَمٍ ذي مِرَّة ... دون الرِّجال بفضل عقلٍ راجحِ