حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ، قَالَ: قَرَأَ عَلَيَّ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَ يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ سَعْدُونَ فِي مَقْبَرَةِ الْبَصْرَةِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ وَهُوَ ينَاجِي رَبَّهُ وَيَقُولُ بِصَوْتٍ عَالٍ: «أَحَدٌ أَحَدٌ»، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: بِحَقِّ مَنْ نَاجَيْتَهُ -[371]- إِلَّا وَقَفْتَ، فَوَقَفَ، ثُمَّ قَالَ لِي: «قُلْ وَأَوْجِزْ»، قُلْتُ: تُوصِينِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا مِنْكَ وَتَدْعُو لِي بِدَعْوَةٍ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ «
[البحر المنسرح]
يَا طَالِبَ الْعِلْمِ هَاهُنَا وَهُنَا ... وَمَعْدِنُ الْعِلْمِ مِنْ جَنْبَيْكَا
إِنْ كُنْتَ تَبْغِي الْجِنَانَ تَسْكُنُهَا ... فَاذْرِفِ الدَّمْعَ فَوْقَ خَدَّيْكَا
وَقُمْ إِذَا قَامَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ ... تَدَعُوهُ كَيْ مَا يَقُولَ لَبَّيْكَا»
ثُمَّ مَضَى وَقَالَ: «يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ أَغِثْنِي»، فَقُلْتُ لَهُ: ارْفُقْ بِنَفْسِكَ فَلَعَلَّهُ يَلْحَظُكَ لَحْظَةً فَيَغْفِرُ لَكَ، فَصَرَفَ يَدَهُ مِنْ يَدِي وَعَدَا وَهُوَ يَقُولُ: «
[البحر الوافر]
آنَسْتُ بِهِ فَلَا أَبْغِي سِوَاهُ ... مَخَافَةَ أَنْ أَضِلَّ فَلَا أَرَاهُ
فَحَسْبُكَ حَسْرَةً وَضَنًا وَسَقَمًا ... بَطَرْدِكَ مِنْ مَجَالِسِ أَوْلَيَاهُ»