حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ بَحْرٍ الْأَسَدِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَعَبِّدِينَ: كُنْتُ مَعَ ذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ بِمَكَّةَ فَقُلْتُ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ لِمَ صَارَ الْوقُوفُ بِالْجَبَلِ وَلَمْ يَصِرْ بِالْكَعْبَةِ، قَالَ: «لِأَنَّ الْكَعْبَةَ بَيْتُ اللَّهِ وَالْجَبَلُ بَابُ اللَّهِ، فَلَمَّا قَصَدُوهُ وَافِدِينَ أَوْقَفَهُمْ بِالْبَابِ يَتَضَرَّعُونَ». فَقِيلَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَالْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَيْفَ صَارَ بِالْحَرَمِ قَالَ: «لَمَّا أَذِنَ لَهُمْ بِالدُّخُولِ إِلَيْهِ أَوْقَفَهُمْ بِالْحِجَابِ الثَّانِي وَهِيَ الْمُزْدَلِفَةُ، فَلَمَّا طَالَ تَضَرُّعُهُمْ أَمَرَهُمْ بِتَقْرِيبِ قُرْبَانِهِمْ فَتَطَهَّرُوا بِهَا مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي كَانَتْ لَهُمْ حِجَابًا دُونَهُ، وَأَذِنَ بِالزِّيَارَةِ إِلَيْهِ عَلَى طَهَارَةٍ». قِيلَ لَهُ: فَلِمَ كُرِهَ الصَّوْمُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ؟ قَالَ: «لِأَنَّ الْقَوْمَ زَارُوا اللَّهَ وَهُمْ فِي ضِيَافَتِهِ وَلَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ أَنْ يَصُومَ عِنْدَ مَنْ أَضَافَهُ»، قِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَتَعَلُّقُ الرَّجُلِ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ لِأَيِّ مَعْنًى؟ قَالَ: «هُوَ مِثْلُ الرَّجُلِ تَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ جِنَايَةٌ فَيَتَعَلَّقُ بِثَوْبِهِ وَيَسْتَجْدِي لَهُ وَيَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ لِيَهَبَ لَهُ جُرْمَهُ وَجِنَايَتَهُ»