حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْدَانَ - بِالْكُوفَةِ - ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّمْنَانِيُّ، ثنا أَبُو يَعْقُوبَ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ الْمَكْفُوفُ، ثنا أَبُو الْفَيْضِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ، ذُو النُّونِ - سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ بِسُرَّ مَنْ رَأَى - قَالَ: " رَأَيْتُ رَجُلًا فِي بَرِيَّةٍ يَمْشِي حَافِيًا وَهُوَ يَقُولُ: الْمُحِبُّ مَجْرُوحُ الْفُؤَادِ لَا رَاحَةَ لَهُ قَدْ زَحْزَحَتِ الْجَرْحَةُ الدَّوَاءَ وَأَزْعَجَ الدَّوَاءُ الدَّاءَ، فَاجْتَمَعَا وَالْقَلْبُ بَيْنَهُمَا بِحَوْلٍ يَرْتَكِضُ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا ذَا النُّونِ. قُلْتُ: عَرَفْتَنِي قَبْلَ هَذَا، قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَمِنْ أَيْنَ لَكِ هَذِهِ الْفِرَاسَةُ؟ فَقَالَ: مِمَّنْ يَمْلِكُهَا لَيْسَتْ مِنِّي هُوَ الَّذِي نَوَّرَ قَلْبِي بِالْفِرَاسَةِ حَتَّى عَرَفَنِي إِيَّاكَ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ سَبَقَتْ لِي، يَا ذَا النُّونِ قَلْبِي عَلِيلٌ وَجِسْمِي مَشْغُولٌ وَأَنَا سَائِحٌ فِي الْبَرِيَّةِ أَسِيرُ فِيهَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً مَا أَعْرِفُ بَيْتًا وَلَا يُكِنُّنِي سَقْفِي يَسْتُرُنِي مِنَ الشَّمْسِ إِذَا لَظَتْ وَيَحْفَظُنِي مِنَ الرِّيَاحِ إِذَا هَبَّتْ وَيَكْلَؤُنِي مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ جَمِيعًا، فَصِفْ لِي بَعْضَ مَا أَنَا فِيهِ إِنْ كُنْتَ وَصَّافًا، ثُمَّ جَلَسَ وَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: الْقَلْبُ إِذَا كَانَ عَلِيلًا جَالَتِ الْأَحْزَانُ وَالْأَسْقَامُ فِيهِ، لَيْسَ لِلْقَلْبِ مَعَ مَا يَجُولُ مِنْ أَصْلِ الْأَسْقَامِ دَوَاءٌ وَإِنْ يَسْتَجْلِبِ الْأَحْزَانَ مَنِ اسْتَجْلَبَهَا يَطُولُ سَقَمُهُ لِيَشْكُوهُ وَيَشْكُو إِلَيْهِ، فَصَرَخَ صَرْخَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا لِي وَلِلشَّكْوَى، أَمَا لَوْ طَالَتِ الْبَلْوَى حَتَّى أَصِيرَ رَمِيمًا مَا تَحَرَّكَتْ لِي جَارِحَةٌ بِالشَّكْوَى "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015