حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُثْمَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: وُصِفَ لِي رَجُلٌ بِشَاهَرْتَ فَقَصَدْتُهُ فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي هَرَبَ مِنِّي، فَقُلْتُ لَهُ: سَأَلْتُكَ بِمَعْبُودِكَ إِلَّا وَقَفْتَ عَلَيَّ وَقْفَةً، فَقُلْتُ سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ بِمَ عَرَفْتَ -[349]- اللَّهَ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ تَعَرَّفَ إِلَيْكَ اللَّهُ حَتَّى عَرَفْتَهُ؟ فَقَالَ لِي: نَعَمْ، رَأَيْتُ لِي حَبِيبًا إِذَا قَرُبْتُ مِنْهُ قَرَّبَنِي وَأَدْنَانيِ، وَإِذَا بَعَدْتُ صَوَّتَ بِي وَنَادَانِي، وَإِذَا قُمْتُ بِالْفَتْرَةِ رَغَّبَنِي وَمَنَّانِي، وَإِذَا عَمِلْتُ بِالطَّاعَةِ زَادَنِي وَأَعْطَانِي، وَإِذَا عَمِلْتُ بِالْمَعْصِيَةِ صَبِرَ عَلَيَّ وَتَأَنَّانِي، فَهَلْ رَأَيْتَ حَبِيبًا مِثْلَ هَذَا؟ انْصَرِفْ عَنِّي وَلَا تَشْغَلْنِي ثُمَّ وَلَّى وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
حَسْبُ الْمُحِبِّينَ فِي الدُّنْيَا بَأَنَّ لَهُمْ ... مِنْ رَبِّهِمْ سَبَبًا يُدْنِي إِلَى سَبَبِ
قَوْمٌ جُسُومُهُمُ فِي الْأَرْضِ سَارِيَةٌ ... نَعَمْ وَأَرْوَاحُهُمْ تَخْتَالُ فِي الْحُجُبِ
لَهْفِي عَلَى خَلْوَةٍ مِنْهُ تُسَدِّدُنِي ... إِذَا تَضَرَّعْتُ بِالْإِشْفَاقِ وَالرَّغَبِ
يَا رَبِّ يَا رَبِّ أَنْتَ اللَّهُ مُعْتَمَدِي ... مَتَّى أَرَاكَ جِهَارًا غَيْرَ مُحْتَجِبِ