وبينما الدعوة تشق طريقها إلى القلوب الصلدة فتصدعها، وإلى العقول الضالة فتردعها، وإلى النفوس الظامئة من العلم فتبل صداها، وتجلو صدأ الجهالة الذي ران عليها، نرى سليمان بن محمد بن عريعر الحميدي حاكم الأحساء والقطيف ينذر عثمان بن معمر بالثورة عليه، وقطع الخراج عنه إن لم يقتل الشيخ ويقضي على دعوته، ويتخاذل عثمان ويأمر الشيخ بالخروج من بلدته، فسار معه إلى الدرعية ورافقه في الطريق "الفريد الظفير وطوالة الحمراني" من رجال بن معمر بأمر منه، وكان الشيخ يسير في الرمضاء والحر يلفحه، ومعه مروحة من الخوص وهو يردد قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} 1.
"وسبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر" وحتى وصل إلى الدرعية، وما قاله بعض المؤرخين من أن ابن معمر قد أمر "الفريد" أن يقتل الشيخ في منتصف الطريق فلا صحة لهذا القول.