والأول أولى وهو ظاهر الآية، ويؤيده المعنى فإن الجزاء من جنس العمل، وقد قابل عز وجل أكلهم أموال اليتامى في الدنيا بأكلهم النار يوم القيامة، وقد قال عز وجل {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} (?) قال المفسرون: سلسه من نار تدخل مع فيه وتخرج من دبره (?)، وقال تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ} (?)، وهذه الشجرة في أصل الجحيم، كما قال عز وجل: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} (?).
وذكر البطون مع أن الأكل لا يكون إلا فيها للتوكيد (?) والمبالغة كقوله تعالى: {وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (?). وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ} (?).
وكما يقال: أبصرت بعيني، وسمعت بأذني.
كما أن في ذلك تشنيعاً عليهم حيث اعتدوا على أموال اليتامى من أجل بطونهم التي مآل ما يوضع فيها إلى الاضمحلال والتلف (?)، ولذلك قال في الحديث: «ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه» (?).
قال أبو حيان (?): «وعرض بذكر البطون لخستهم وسقوط هممهم والعرب تذم بذلك قال الحطيئة» (?).