إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً ميسراً (?)، وهنا نلاحظ أن حرية الرأي منحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزواجه في مطالبتهن إياه، ولم يغضب من ذلك، ولذلك لم يعنفهن - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أغضبه التغاير في المطالبة، وجاء أبو بكر - رضي الله عنه - يستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجد الناس جلوساً ببابه لم يؤذن لأحد منهم، فأذن لأبي بكر - رضي الله عنه - فدخل ثم أقبل عمر - رضي الله عنه - فاستأذن فأذن له فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً حوله نساؤه واجماً ساكتاً، فقال:
47 - "لأقولن شيئاً أضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول، الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: هنّ حولي كما ترى يسألنني النفقة، فقام أبو بكر - رضي الله عنه - إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر - رضي الله عنه - إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: لا تسألي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً أبداً ليس عنده، ثم اعتزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين، آلى منهن شهرا" ليعلم حكم الله في هذا الموقف، لأنه حكم للأمة، وأعطى عمر - رضي الله عنه - حرية الرأي فيما عرض عليه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يعطها للذين أشاعوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق نساءه، وقد نزع الله هذه الحرية لأنها مبنية على الجهل بالواقع، ووجه إلى ما هو أولى {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ