من عند الله الذي أرسله، وقد يتأخر نزول الوحي ويحاول بعض الصحابة أن يقدم رأيا، ولكن رسول الله يتطلع إلى الرسالة لأن فيها القول الفصل، فينزل الوحي بالحكم فيبلّغ النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين، وهم يبادرون إلى التنفيذ دون حوار أو مناقشة، وأسباب نزول الآيات من أعظم الشواهد على ما نقول.
ولقد كان الجانب البطولي مهما في نقل الرسالة إلى الآخرين، وليس هذا خاص بالإسلام، بل جميع الرسالات لم تستغن عن وجود الأبطال مع الرسل وبعدهم، ولذلك كان رسول الله يتطلع إلى ذلك وهو سيد الأبطال - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان الأمر يتعلق بشخصه لتولّى ذلك وكفى، ولكن الأمر يتعلق بنقل الرسالة من جيل إلى جيل حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فلابد من وجود أبطال من الأمة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يلحّ في الدعاء ويقول:
15 - (الَلهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلينِ إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب) (?) وكان أحبهما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وأصبح الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في عزة منذ أن أسلم عمر - رضي الله عنه -، وتوالى الأبطال الذين توفر فيهم الإيمان بقداسة الرسالة، والاستعداد للدفاع عنها ونقلها إلى الآخرين، وكان نتاج ذلك ما عرف عن المسلمين، من البطولات في حماية دين الله، ونشره من خلال الفتوحات، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وقامت للإسلام دولة لم يعرف التاريخ دولة نشرت الحق والعدل، ووحدت الأمم والشعوب مثلها إلى يومنا هذا، وأقامت من أسس العلم والحضارة ما أسهم بفعالية في إزاحة الجهل والظلام عن شعوب الغرب، الذين لا يقيمون للإسلام وزنا