لإنس والجن، فاحتملت وزرا عظيما، وأوقعت الناظرين فيما حرم الله، وكم من ناظر أثم بنظره إليها، وهي أيضا تحمل مثل وزره لأنها السبب في ذلك، فإذا ما وصل إليها الناظر فالمصيبة أعظم، على حد قول الشاعر المفتون:

وآخرون اشتفوا منهم بضمهم ... يا حبذا الشافيين الضم والقبل

وإن صح له مما زعم من الشفاء من وهج الفتنة، فإنه أشفي (?) إلى النار إن لم يتب، أو تدركه رحمة الله.

هذا قطر من سيل جارف، من أقوال من فتنوا بسحر الجفون والمقل، وما ينكر هذه الفتنة العظيمة إلا مجنون لا عقل له، أو عديم فطرة، وما يتسابق فيه الفاتنات اليوم من تجميل العيون والمقل، واصطناع الخال أكبر شاهد على ما نقول، ولم يكن هذا السباق المحموم إلا لعلم الفواتن أنفسهن بتأثير هذا الجانب على الناظرين، وغير العاقلات تقودهن الشعرة إلى الإيمان بدعاة التبرج ورواد الرذيلة، والكفر بدعاة الحجاب والستر والفضيلة، فكان تأثير الدعاية والإعلام الهدام، أبلغ في أنفسهن، من دعوة الكتاب والسنة، على حد ما فعل النساء في زمان غابر عند ما طلب بائع الخمر (?) السود من أحد الشعراء أن يضع له بيتا من الشعر دعائيا، يسيّر بضاعته الكاسدة، فقال الشاعر أبو نواس:

قل للمليحة في الخمار الأسود ... ماذا فعلت براهب متعبد

فلما سمع النساء الرواغب في فتنة الآخرين هذا البيت بادرن التسابق إلى شراء الخمر السود، فراجت البضاعة، لكن من كانت من النساء مؤمنة صادقة لم تتأثر بالزوابع، وليس لها حظ في ترويج الفتنة، فبقي الطهر والعفاف تاجا تفخر به كل مؤمنة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015