وكان على جمل ناج، وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثقال بطيء، يتبطأ بالركب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حوّلوا متاع عائشة على جمل صفية، وحوّلوا متاع صفية على جمل عائشة، حتى يمضي الركب، قالت عائشة: فلما رأيت ذلك قلت: يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله، قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أم عبد الله، إن متاعك كان فيه خف، وكان متاع صفية فيه ثقل، فأبطأ بالركب، فحوّلنا متاعها على بعيرك، وحولنا متاعك على بعيرها، قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟ ! قالت: فتبسم، قال أو في شك أنت يا أم عبد الله؟ ، قالت: قلت: ألست تزعم أنك رسول الله، أفلا عدلت؟ ! وسمعني أبو بكر، وكان فيه غرب: أي حدة، فأقبل عليّ فلطم وجهي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مهلا يا أبا بكر، فقال: يا رسول الله، أما سمعت ما قالت؟ ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الغيراء لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه (?) هذه القصة تجسّد تلك الوصية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد عامل عائشة بحلم منقطع النظير، ورحمة لا مثيل لها، ولم يصدر ذلك من والدها - رضي الله عنه -، وهو أفضل الأمة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذلك الوصف للمرأة وتلك المعاملة تكريم لها واحترام، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان قادرا على محاسبة عائشة رضي الله عنها على ذلك، وله الحق في ذلك شرعا وعقلا، ولم يفعل لعلمه بحال خلق المرأة، ومنها شدة الغيرة، روى عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جلوسا إذا أقبلت امرأة عريانة، فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - وغمض عينيه، فقام إليها رجل من القوم فألقى عليها ثوبا، وضمها إليه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015