5- وحددت صلاحيات الحاكم، وقيدت، ولم تترك سلطاته مطلقة في رقاب العباد. بل يقول مولانا جل شأنه، {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26] .

وقال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 41] ، فضمن سبحانه نصرة الملوك بهذه الشروط الأربعة، كما قال الإمام بدر الدين بن جماعة في تحرير الأحكام "باب الإمامة"، وعن علي رضي الله عنه: "إمام عادل خير من مطر وابل"1.

6- وتخضع شروط اختبار الحاكم في الأدبيات الإسلامية لعناية ومظاهر، ذلك ما نجده من تدقيق في أحكام البيعة والحكم والخلافة، حتى لتعد فصلا ثابتا في أبواب فقه الأحكام الشرعية والسياسية.

ومثال على ذلك كتاب الأحكام السلطانية للماوردي، وكتاب تحرير الأحكام في تدبير أهل الإسلام لابن جماعة، والذي يقول: "لو كانت شروط الخلافة في جماعة صالحة لها، قدم أهل الحل والعقد أصلحهم للناس، فإن عقدت للفضول جاز عند أكثر العلماء، ولو كان أحدهم أعلم مثلا والآخر أشجع مثلا: فالأولى أن يقدم منهما من يقتضيه حال الوقت".

7- وفي الباب الثاني من كتابه: "فيما للخليفة والسلطان وما عليه مما هو مفوض إليه" يحصي ابن جماعة عشرة حقوق للسلطان والخليفة على الأمة، ولهم عليه عشرة حقوق.

أما حقوق السلطان العشرة: فالحق الأول: بذل الطاعة له إلا أن يكون معصية، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "السمع والطاعة على المسلم فيما أحب أو كره ما لم يؤمر بمعصية".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015