ويدخل العالم الجليل أبو مسلم الخولاني على معاوية أمير المؤمنين, فيقول له في صراحة: السلام عليكم أيها الأجير، ويقول جلساؤه: قل السلام عليك أيها الأمير، فيقول أبو مسلم: السلام عليك أيها الأجير، فيعيدون قولهم، ويعيد قوله، وهنا يقول معاوية: دعوا أبا مسلم فهو أدرى بما يقول.

وهذا مما يدل على ما رسا في السياسة الإسلامية من مسئولية كل مسلم في مقابل الحاكم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورأينا بالتالي في التاريخ الراشد كيف تخطّئ امرأة خليفة على المنبر، فلا يجد غضاضة أن يعلن على الناس: أصابت امرأة وأخطأ عمر.

3- واعتبر الإسلام التزام الصمت والموقف السلبي من الشر والمنكر، وعدم محاولة كفه ومنعه اعتبره ذنبا عظيما في حق المجتمع. ولذلك ذكر القرآن الكريم أن سبب انحطاط بني إسرائيل هو عدم تناهيهم عن المنكر: {كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: 79] .

واعتبر الإسلام ذلك السكوت سببا من أسباب سخطه، لذا كثيرا ما نطالع في القرآن الكريم الآيات التي تدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحث عليه1.

4- ويرى التنظير الإسلامي في السياسة نصب الإمام ضرورة لحماية حقوق الناس ورعاية مصالحهم، فيجب نصب إمام يقوم بحراسة الدين وسياسة أمور المسلمين، وكف أيدي المعتدين، وإنصاف المظلومين من الظالمين، ويأخذ الحقوق من مواقعها، ويضعها جمعا وصرفا في مواضعها، فإن بذلك صلاح البلاد وأمن العباد، وقطع مواد الفساد، لأن الخلق لا تصلح أحوالهم إلا بسلطان يقوم بسياستهم، أو يتجرد لحراستهم2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015