المتأمل لما حدث مع يوسف - عليه السلام - بعد تأويله لرؤيا الملك، يجد أن ملك مصر قد أعجب به وبما عنده من إمكانات .. هذا الإعجاب دفعه لاختياره لأن يكون بجواره {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ} [يوسف: 54].

إذن فيوسف - عليه السلام - قد سلطت عليه الأضواء، وأصبح من الخواص عند الملك، ومن ثم دخل دائرة التكليف .. هنا اختار لنفسه المجال الذي يظن أنه قد يحسن فيه بتوفيق من الله، ولم لا وهو العبد المعترف دومًا بفضل الله عليه فيما حباه من إمكانات.

ألم يقل لصاحبي السجن عندما طلبا منه تفسير أحلامها {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف: 37]. فإذا كان المرء في نفس الحالة التي كان فيها يوسف عليه السلام ولا مناص له من التكليف، فلا بأس أن يختار لنفسه المجال الذي يرى أن إمكاناته التي حباه الله إياها تؤهله للقيام به، مع يقينه بتوقف ذلك كله على عون الله ومدده المستمر له ...

ضوابط تقديم النفس:

ومع ذلك، فهناك ضوابط ينبغي مراعاتها إذا ما اضطر شخص إلى تقديم نفسه وقد ذكرها د. عادل الشويخ - رحمه الله - في كتابه تقويم الذات، ونجملها في هذه النقاط:

1 - الأصل هو عدم طلب المسئولية أو الإمارة أو عمل بعينه، والاستثناء هو طلبها لمصلحة راجحة لا ظنية، مثل الذي يتقن لغة من اللغات، ولا يعرف بذلك أحدًا ممن حوله، فله أن يعرفهم بذلك، ويقدم نفسه لهم إذا ما وجدهم يبحثون عمن يترجم لهم مقالة بهذه اللغة إلى لغتهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015