المعمورة الأربعة. ولكن، حينما وقف على أعتاب العالم الإسلامي، تذكر ماضيه الأليم، وعلم يقينًا أنه إذا أراد المُضيّ فعليه أن يتدارك الخطأ؛ فالمواجهة يدًا وحدها ما كانت تكفي للقضاء على جماعة الإسلام؛ فإن «يد الله مع الجماعة» (?)، و «إنما يأكل الذئب القاصية» (?).
كذلك أيقن أن الأمر لا يقف على مجرد كونها جماعة؛ فثمة جماعات كثيرة سهُل هزيمتها عسكريًا، وإنما الأمر يكمن في منهج الجماعة ذاته، ذلك المنهج الذي {لَا يَاتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (?).
ولذا، كان المخرج من ذلك كله هو إحداث صدع في هذا البنيان المرصوص، وزرع خلية سرطانية خبيثة في جسد الأمة الواحد، والذي «إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» (?)، وذلك عن طريق إحياء روح الشعوبية، القومية العنصرية، الجاهلية المنتنة، كما وصفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?)؛ ذلك أنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى كما قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (?).
وسيأتي بيان هذا في موضعه، ولكن ما ترتب هو استشراء سرطان القومية في جسد الأمة. وكانت القاصمة التي لم تتبعها عاصمة هي مبعث الذئب الأغبر من مرقده في جبل طوران، على يد (خالد التُرك!) الدونمي (?)، إذ قام الذئب مسعورًا جائعًا، فلم يجد أمامه