قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (?).

وقال - عز وجل -: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (?).

وقال - جل جلاله - مخاطبًا نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} (?).

...

وبعد، فإنه لما اجتاح الإسكندر الأكبر صلى الله عليه وسلمlexander the Great (356 - 323 ق. م) بلاد الشرق، فارس والهند ومصر، كتب له أستاذه أرسطو صلى الله عليه وسلمristotle (384 - 322 ق. م) ينهاه عن هذا الغزو؛ لأن من شأنه القضاء على تميز الجنس اليوناني حين يحتك اليونانيون بالشرقيين. ولكن جاءه رد الإسكندر قائلًا إنه يغزو الشرق «لأجل أن يجعل الثقافة والفكر اليونانيين هما فكر العالم وثقافته» اهـ.

فحينما تدبرت هذه الرواية، لاحت في خاطري حقائق ومسائل ..

الأولى: هي أنه عند التأمل في سنن الله تعالى في خلقه، تجد ميلًا إنسانيًا غير محدود إلى ما اصطُلِح على تسميته بالعولمة Globalization وتوسيع النفوذ وبسط السلطان، وتجد أحلامًا فطرية بالحركة في عالم واحد بعيد عن الحدود والقيود، حالت الحقائق الجغرافية وتباين الثقافات والمصالح دون تحقيقها، مصداقًا لقول الله تعالى: {وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم} (?)، وذلك من إرادته الكونية القدرية: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (?).

والثانية: هي أن الشارع الحكيم - جل جلاله - بحكمته وإرادته الدينية الشرعية حضنا على الوحدة وعدم الاختلاف، فقال - عز وجل -: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} (?)، بل جعل الاختلاف من صفات غير المرحومين، وذلك في قوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015