الدلائل الواضحة التي لا تزال موجودة إلى اليوم في كتبهم المحرفة، فإن الحق تتعدد شواهده وتزداد محامده ..
فمن تلك البشريات النبوية في العهد القديم (التوراة)، ما جاء في سفر التثنية من قول الرب لموسى: «سأقيم لهم نبيًا من بين إخوتهم مثلك وألقي كلامي في فمه فينقل إليهم جميع ما أكلمه به. وكل من لا يسمع كلامي الذي يتكلم به باسمي أحاسبه عليه (?). وأي نبي تكلم باسمي كلامًا زائدًا لم آمره به، أو تكلم باسم آلهة أخرى، فجزاؤه القتل» (?).
يقول ابن القيم رحمه الله (?): «فهذا النص مما لا يمكن لأحد منهم جحده وإنكاره، ولكن لأهل الكتاب فيه أربع طرق:
أحدها: حمله على المسيح، وهذه طريق النصارى، وهو دليل يخالف معتقدهم في المسيح.
وأما اليهود فلهم فيه ثلاث طرق:
أحدها: على حذف أداة الاستفهام والتقدير: «أأُقيم لبني اسرائيل نبيًا من إخوتهم، لا أفعل هذا»، فهو استفهام إنكار حذفت منه أداة الاستفهام.
الثاني: أنه خبر ووعيد، ولكن المراد به (شموئيل النبي)، فإنه من بني إسرائيل. والبشارة إنما وقعت بنبي من إخوتهم وإخوة القوم هم بنو أبيهم وهم بنو إسرائيل.
الثالث: أنه نبي يبعثه الله في آخر الزمان يقيم به ملك اليهود ويعلو به شأنهم، وهو ينتظرونه الآن ويسمونه المنتظر.
قال المسلمون: البشارة صريحة في النبي العربي الأمي محمد - صلى الله عليه وسلم - ابن عبد الله، لا تُحْتَمَل على غيره» اهـ.
قلت: وذلك لعدة أمور، منها:
قوله: «نبيًا .. مثلك»: فلقد جاء في سفر التثنية كذلك أنه «لم يظهر بعد نبي في بني إسرائيل مثل موسى، الذي خاطبه الرب وجهًا لوجه» (?)،