فإنما عُني به مشركو العرب من عبدة الأوثان الذين لا يجوز قبول الجزية منهم. فليس في إحدى الآيتين نفي حكم الأخرى، بل كل واحدة منهما محكمة فيما أنزلت فيه» اهـ (?).

ولكن اللافت للنظر أن هذه الآية تأتي تالية لقوله جل شأنه: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (?)، ومحل الشاهد هو أن الجنوح للسلم لم يتعارض مع إعداد المستطاع من قوة (رادعة) مانعة من تحرش العدو، وتأمل قوله - عز وجل - في الآية: {وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ}، فكيف يكون الإعداد لعدو مجهول حجمه وقوته إلا أن يكون في باب الردع؟! ومن لطيف ما حدثني به الفاضل، فاضل سليمان، أنه حينما تسلم وسامًا من وزارة الدفاع الأمريكي (الپنتاجون The Pentagon)، وجده منحوتًا عليه عبارة لاتينية شهيرة، وهي: Qui desiderat pacem praeparet bellum، ومعناها: أنه من أراد السلام فعليه الاستعداد للحرب Who wishes peace should prepare for war، وليس أبلغ من ذلك برهانًا!

ولكن قارن بين هذا التصور الغربي القرآني الأصل لمفهوم السلام وبين ما يريدونه لأمة الإسلام - من خلال دعوة الحوار المسيَّسة المائعة - من تقليم لأظافرها وتحطيم لذِرْوة سَنَامِها؛ أعني تشويه مفهوم الجهاد الإسلامي (?)، والذي ما شرع إلا لإقامة العدل وتحقيق السلام، فهو ليس إرهابًا كما يدعون، وإنما هو (جهاد على الإرهاب) الممارَس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015