- تبادل التهاني والزيارات والمجاملات في المناسبات الدينية المختلفة (?).

وعند إمعان النظر في هذه البنود وقراءة ما وراء سطورها ثم النظر إلى تطبيقاتها العملية في الواقع المشاهد نجد ما يدعو للشك والارتياب بل والطعن في حسن النية! وذلك - فيما رأيت - لأربعة أمور رئيسة:

الأول: هو أن ما تدعو إليه البنود إجمالًا من (الاعتراف بالآخر) فيما يخص الجانب العقدي، إضافة إلى تجنب البحث في المسائل العقدية الشائكة، فهذا قد حث عليه باعث خفي لدى القوم لانتزاع اعتراف ضمني من المسلمين بصحة دينهم، وهذا لا يستقيم بحال مع قول الله تعالى: {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (?)، بل له أبلغ الأثر في صد النصارى واليهود عن سبيل الله، وفيه تعطيل لما توظفت به هذه الأمة من وظيفة الإبلاغ عن الله؛ والتي ذهب العلماء إلى أنها (الأصل) في علاقة المسلمين بغيرهم، ودليل ذلك رسائل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك والأمراء، وقول ابن عباس - رضي الله عنه -: «ما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا قط إلا دعاهم» (?)، بل وهي مكمن الخيرية التي أخبر الله تعالى عنها في قوله: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (?). وهذا الباعث ما تقوَّى لدى القوم إلا بسبب ما هو مشاهد من انتشار لدين الإسلام في ديارهم سلمًا، لا عنوة كما يُشبِّهون على الناس!

وقد لام صاحب الظلال رحمه الله على المنجرفين وراء هذا التيار فقال (?): «إن الدين الذي نزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الدين عند الله، والتسامح يكون في المعاملات الشخصية، لا في التصور الاعتقادي ولا في النظام الاجتماعي. أما هؤلاء، فيحاولون تمييع اليقين الجازم في نفس المسلم الذي يقرر أن الله لا يقبل دينًا إلا الإسلام، وأن على المسلم أن يحقق منهج الله الممثل في الإسلام ولا يقبل دونه بديلًا، ولا يقبل فيه تعديلًا - ولو طفيفًا - قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ} (?)، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} (?). والإسلام قد جاء ليصحح اعتقادات أهل الكتاب كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015