نحن لا ننكر وجود مؤامرة أكيدة واضحة المعالم، كذلك صحيح هو قول القائل: «إذا كان عدوك نملة فلا تَنَمْ له»، ولكن ما نرفضه هو اختزال هذه المؤامرة وحصرها في هذه الزاوية الضيقة، والتي بالتالي تنسب إلى اليهود قوة عجائبية خارقة يرتد إليها كل الشرور والكوارث العالمية، وهذا بالتالي يزيد من هيبة العدو ويؤدي بنا إلى الفشل في تقدير حجمه الحقيقي، بل ويتجاهل الوجود الفعلي لأعداء أُخَر من غير يهود قد يكونون في كثير من الأحوال أشد خطرًا منهم.
كذلك نرفض ربط كل الحوادث والثورات والانقلابات العالمية (كالثورة الفرنسية والبلشفية) واختزالها بكل بساطة في المؤامرة اليهودية العالمية بغض النظر عن مركب الظروف والدوافع المحيطة، لأن هذا من الكسل الفكري، وعقلنا البشري «إن لم يجد نموذجًا تفسيريًا ملائمًا لواقعة ما، فإنه يميل إلى اختزالها وردها إلى أياد خفية تُنسَب إليها كافة التغييرات والأحداث» (?)، وهذه اليد هي اليد اليهودية عادة!
وحقيقة أعجبني قول الباحثة الدكتورة ريچينا الشريف (?): «معظم المؤرخين والمحللين السياسيين يعزون نجاح الصهيونية - الذي بلغ أَوْجَهُ في قيام دولة يهودية في إسرائيل - إلى المواهب السياسية والديپلوماسية لليهود الصهيونيين من أمثال حاييم وايزمان Chaim Weizmann [1874 - 1952 م]، أو لويس برانديس Louis رضي الله عنهrandeis [1856 - 1941 م]، أو ناحوم سوكولوف Nahum Sokolow [1859 - 1936 م]، الذين عملوا بلا كلل على التأثير في الشخصيات غير اليهودية. ويعزى معظم الفضل في صدور وعد بلفور رضي الله عنهalfour عز وجلeclaration، عادة، إلى وايزمان وطاقاته الجبارة وتصميمه وإخلاصه ... ويندر أن تعزى قصة نجاح الصهيونية لغير اليهود. غير أن مثل