وانتشرت في حياة السيوطي وبعده، وعمرت بها المدارس والمعاهد ودور الكتب، وكاتبه المستفتون في شتى الجهات؛ مما أثار عليه فريقًا من أقرانه ومعاصريه من العلماء، وتحاملوا عليه، ورموه بما هو منه براء؛ وكان من أشد الناس خصومة عليه، وكثرهم تجريجًا وتشهيرًا، المؤرخ شمس الدين السخاوي، صاحب كتاب الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع؛ فقد ترجم له في هذا الكتاب، ونال من علمه وخلقه؛ مما يقع مثله بين النظراء والأنداد.
وانتصر السيوطي لنفسه في مقامة اسمها: الكاوي على تاريخ السخاوي، كما انتصر له فريق من تلاميذه وفريق من العلماء ممن جاء بعده، منهم الشوكاني صاحب البدر الطالع؛ قال في ترجمته للسيوطي بعد أن لخص مطاعن السخاوي فيه، ورد هذه المطاعن عنه: "على كل حال فهو غير مقبول عليه لما عرفت من قول أئمة الجرح والتعديل، بعدم قبول قول الأقران بعضهم في بعض؛ مع ظهور أدنى منافسة؛ فكيف لمثل هذه المنافسة بين هذين الرجلين التي أفضت إلى تأليف بعضهم في بعض! فإن أقل من هذا يوجب عدم القبول. والسخاوي رحمه الله وإن كان إمامًا غير مدفوع؛ لكنه كثير التحامل على أكابر أقرانه".
وكانت وفاة السيوطي على ما ذكره ابن إياس في الخميس تاسع شهري جمادى الأولى سنة 911هـ، ودفن بجوار خانقاه قوصون (?) خارج باب القرافة، بعد أن ملأ الدنيا علمًا، وشهرة وذكرًا (?) . رحمة الله عيه.
يناير سنة 1968م.
محمد أبو الفضل إبراهيم.