نسبه وأجداده، وذكر أن مولده كان: "بعد المغرب مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة"، كما ذكر الكتب التي درسها، والشيوخ الذين تلقى عنهم، والبلاد التي رحل إليها، والعلوم التي حذقها، والكتب التي ألفها، مما يعد وثيقة تاريخية في حياة هذا العالم الجليل.

وقد ظل السيوطي طوال حياته مشغوفًا بالدرس مشتغلًا بالعلم، يتلقاه عن شيوخه أو يبذله لتلاميذه، أو يذيعه فتيًا، أو يحرره في الكتب والأسفار؛ وحينما

تقدم به العمر، وأحس من نفسه الضعف، خلا بنفسه في منزله بروضة المقياس، واعتزل الناس، وتجرد للعبادة والتصنيف، وألف كتابه: "التنفيس في الاعتذار عن الفتيا والتدريس".

وكان رحمه الله في حياته الخاصة على أحسن ما يكون عليها العلماء ورجال الفضل والدين، عفيفًا كريمًا، غني النفس، متباعدًا عن ذوي الجاه والسلطان، لا يقف بباب أمير أو وزير؛ قانعًا برزقة من خانقاه شيخو، لا يطمع فيما سواه.

وكان الأمراء والوزراء يأتون لزيارته ويعرضون عليه أعطياتهم فيردها. ورُوي أن السلطان الغوري أرسل إليه مرة خصيًا وألف دينار، فرد الدنانير، وأخذ الخصي ثم أعتقه، وجعله حارسًا في الحجرة النبوية، وقال لرسول السلطان: لا تعد تأتينا قط بهدية؛ فإن الله أغنانًا عن ذلك.

وأما كتبه فقد أحصى السيوطي منها في كتابه نحوًا من ثلاثمائة؛ في التفسير وتعلقاته والقراءات، والحديث وتعلقاته، والفقه وتعلقاته، وفن العربية وتعلقاته، وفن الأصول والبيان والتصوف، وفن التاريخ والأدب، والأجزاء المفردة، ما بين كبير في مجلد أو مجلدات، وصغير في كراريس أو أوراق. وذكر تلميذه الداودي المالكي أنها أنافت على خمسمائة مؤلف. وقال ابن إياس في تاريخه "حوادث 911": إنها بلغت ستمائة مؤلف.

وتقع هذه الكتب في مجلد أو مجلدات؛ كالمزهر والإتقان والأشباه والنظائر وبغية الوعاة والدر المنثور في التفسير بالمأثور، والجامع الصغير والجامع الكبير وأمثالها، أو في أوارق أو صفحات؛ كهذه الرسائل التي طبعت باسم الحاوي في الفتاوي؛ في مجلد يحوي ثمانية وسبعين كتابًا في معظم الفنون. وقد تدارس العلماء هذه الكتب في كل مكان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015