ووجود القصاصين الذين عرفوا بالكذب ومحاولة جذب العامة بالقصص والحكايات التي يأتون فيها بالغرائب والأخبار المتقدمة وغيرها مما جعل شوائب الانحراف تدخل في تاريخ ومصادر العلوم الإسلامية.

وعلى الرغم من الجهود العظيمة التي بذلت من جم غفير من العلماء في حفظ الكتاب والسنة وتوثيق الأخبار ونقد الأسانيد في الحديث والأخبار التاريخية وأحكام علم الجرح والتعديل وكتب الأطراف وتمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها والأخبار الثابتة من المختلقة فإن تلك الجهود المضاد لصفاء عقيدة التوحيد قد تركت آثارا ضارة عانت منها الأمة الإسلامية في عصورها التالية.

ولقد زاد من معاناة الأمة الإسلامية بعد ذلك فيما يتصل بصفاء عقيدة التوحيد العناصر الأعجمية التي دخلت في الإسلام مع ما كان عندها من لوثة في العقيدة وما لديها من جهل بحقيقة هذا الدين وعقيدته الصافية وما تعانيه من صعوبة في فهم الإسلام لا سيما بعد أن انحسر ظل اللسان العربي على كثير من أقاليم العالم الإسلامي.

وتمثل الحملتان الصليبيتان الغربيتان الأولى والثانية لونا من ألوان التأثير الطارئ على حياة المسلمين في بعض التصورات والعادات والأخلاق والرياح الشديدة العاتية التي حملتها الموجة المغولية التترية على العالم الإسلامي بما تحمله من عقائد وثنية وما بقي لدى من أسلم منها من لوثة في أصل التوحيد وفهم الإسلام مع تبوئهم المراكز المهمة في البلاد الإسلامية ذات التأثير البالغ على الحياة العامة في فترة خفت فيها صوت الحق الناصع والتوحيد الخالص. كان لهذا كله أثره البالغ في الحياة في العالم الإسلامي والانحدار بها إلى مستوى متدن في الفهم والممارسة ومظاهر الحياة.

وإذا كان الأتراك في دولة الخلافة العثمانية قد حاولوا العودة بالأمة الإسلامية إلى الدين الخالص والعقيدة الصافية، إلا أنهم لم يلبثوا أن أسرع إليهم الهرم وساءت في دولتهم الحالة الدينية والاجتماعية، فأسيء فهم الدين وظهرت البدع والخرافات والمذاهب المنحرفة وتعظيم الأموات وأقيمت البنايات والقباب فوق قبور الأولياء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015