وصهر الناس في بوتقة حتى سلم قيادتهم عن اقتناع بهذا الدين وإيمان صادق به واستمرت التغذية التامة والرعاية الدائمة لهذا الأمر في عهد الخلفاء الراشدين وفترة الخلافة الأموية وصدر الخلافة العباسية.
وقد أسهمت هذه المنطقة مع غيرها من أقاليم العالم الإسلامي في نشر الدين والدعوة إليه والذود عنه والجهاد في سبيله وتوسيع مده في مختلف أرجاء الأرض وفي تعلمه وتعليمه.
ولما بدأ الضعف في الخلافة الإسلامية في آخر العهد العباسي وفقدت سيطرتها الكاملة على الجزيرة العربية وبعض الأقاليم الأخرى وقامت الثورات والحركات المحلية الانفصالية عن دولة الخلافة الأم التي أدركها الهرم وانشب الموت فيها أنيابه استقل باليمامة محمد بن يوسف بن إبراهيم واستمرت إمارتها في ذريته ما يقارب سبعين عاما حتى قامت فتنة القرامطة في القرن الرابع الهجري وقضى على هذه الإمارة وكان ذلك على يد دولة القرامطة وعلى وجه التحديد في عام 317هـ ضمن حملة هائلة قاموا بها انطلاقا من قرداحة في الشام ومرورا بالعراق والبحرين ونجد والحجاز وجاسوا فيها خلال الديار وقتل على أيديهم خلق كثير في مختلف الأقاليم الإسلامية حتى سالت الدماء الغزيرة في الحرم المكي وساحة المطاف ونزعوا الحجر الأسود عنوة جهارا.
ولم تقم بعد هذه الحملة إمارة موحدة في قلب جزيرة العرب غير الدولة الاخيضرية التي استمرت حتى منتصف القرن الخامس الهجري ثم سقطت ولم تبق سوى إمارات صغيرة فاستقل كل أمير ببلدة وكل زعيم عشيرة بقومه حتى صار في الوادي الواحد عدة إمارات مثل إمارة العيينة لآل معمر وإمارة الدرعية لآل سعود وإمارة الرياض لآل دواس وبذلك تقطعت أوصال الأمة المسلمة في هذا الجزء العزيز من العالم الإسلامي وقامت الخلافات والثارات وتأججت نار الفتن بين كل أهل بلد ومن جاورهم وبين القبائل العربية بل امتدت الأحقاد والمنافسات في داخل البلد