والزينة المكتسبة، عن الرجال الأجانب عنهن، وذلك الستر بالتحجب بالجلباب الذي يغطي ويستر وجوههن وجميع أبدانهن وزينتهن، وفي هذا تمييز لهن عن
اللائي يكشفن من نساء الجاهلية، حتى لا يتعرضن للأذى ولا يطمع فيهن طامع.
والأدلة من هذه الآية على أن المراد بها ستر الوجه وتغطيته من وجوه، هي:
الوجه الأول: معنى الجلباب في الآية هو معناه في لسان العرب، وهو: اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن، وهو بمعنى: الملاءة والعباءة، فتلبسه المرأة فوق ثيابها من أعلى رأسها مُدنية ومرخية له على وجهها وسائر جسدها، وما على جسدها من زينة مكتسبة، ممتداً إلى ستر قدميها.
فثبت بهذا حجب الوجه بالجلباب كسائر البدن لغةً وشرعاً.
الوجه الثاني: أن شمول الجلباب لستر الوجه هو أول معنى مراد؛ لأن الذي كان يبدو من بعض النساء في الجاهلية هو: الوجه، فأمر الله نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين بستره وتغطيته، بإدناء الجلباب عليه، لأن الإدناء عُدِّي بحرف على، وهو دال على تضمن معنى الإرخاء، والإرخاء لا يكون إلا من أعلى، فهو هنا من فوق الرءوس على الوجوه والأبدان.
الوجه الثالث: أن ستر الجلباب للوجه وجميع البدن وما عليه من الثياب المكتسبة - الزينة المكتسبة - هو الذي فهمه نساء الصحابة رضي الله عنهم، وذلك فيما أخرجه عبد
الرزاق في المصنف عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: رحم الله تعالى نساء الأنصار، لما نزلت: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك} الآية شَقَقن مُرُوطهن، فاعتجرن بها، فصَلَّين خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما على رءوسهن الغربان. رواه ابن مردويه.