ودعوى تخصيص الأصل يستلزم تخصيص الفرع، وهو غير مُسَلَّم إجماعاً، لما علم من عموم نفي الجناح بخروج المرأة أمام محارمها كالأب غير محجبة الوجه والكفين، أما غير المحارم فواجب على المرأة الاحتجاب عنهم.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية [3/506] : ((لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم، كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن..} الآية [النور: 31] )) انتهى.
وتأتي الآية بتمامها في الدليل الرابع، وقد سمّاها ابن العربي رحمه الله تعالى: آية الضمائر؛ لأنها أكثر آية في كتاب الله فيها ضمائر.
الوجه السابع: ومما يفيد العموم ويبطل التخصيص: قوله تعالى: {ونساء المؤمنين} [في الآية: 59 من سورة الأحزاب]
في قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} وبهذا ظهر عموم فرض الحجاب على نساء المؤمنين على التأبيد.
الدليل الثالث: آية الحجاب الثانية الآمرة بإدناء الجلابيب على الوجوه:
قال الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً} [الأحزاب: 59] .
قال السيوطي رحمه الله تعالى: ((هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن)) انتهى.
وقد خصَّ الله سبحانه في هذه الآية بالذكر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبناته؛ لشرفهن ولأنهن آكد في حقه من غيرهن لقربهن منه، والله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} [التحريم: 6] ، ثم عمم سبحانه الحكم على نساء المؤمنين، وهذه الآية صريحة كآية الحجاب الأولى، على أنه يجب على جميع نساء المؤمنين أن يغطين ويسترن وجوههن وجميع البدن