وتعقبه الحافظ فقال:" ويحتمل عكسه، أي الذي أشرت عليكم به من الكتابة خير مما تدعونني إليه من عدمها بل هذا هو الظاهر وعلى الذي قبله كان ذلك الأمر اختبارا وامتحانا فهدى الله عمر لمراده وخفي ذلك على غيره" (?).

:"والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد عزم على أن يكتب الكتاب الذي ذكره لعائشة، فلما رأى أن الشك قد وقع، علم أن الكتاب لا يرفع الشك، فلم يبق فيه فائدة، وعلم أن الله يجمعهم على ما عزم عليه، كما قال:" ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر" (?).

أما عن تهمة بعض المرضى للصحابة كون النبي - صلى الله عليه وسلم - طردهم من بيته تشبثاً بظاهر هذا الحديث وأمثاله، فالذي يتهم الصحابة بهذا فإنه لزاماً يتهم علياً - رضي الله عنه - لأنه كان فيهم، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستثن أحداً من الناس وإنما أطلق (قوموا عني).

ثم تأمل فيما أورده الكليني عن موسى بن جعفر رحمه الله تعالى قال:"قلت لأبي عبد الله عليه السلام: كان أمير المؤمنين كاتب الوصية ورسول الله (ص) المملي عليه وجبرئيل والملائكة المقربون عليهم السلام؟؟ قال: فأطرق طويلاً ثم قال: يا أبا الحسن قد كان ما قلت ولكن حين نزل برسول الله (ص) الأمر نزلت الوصية من عند الله كتاباً مسجلا ً نزل بها جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة فقال جبرائيل: يامحمد مُر بإخراج من عندك إلا وصيك ليقبضها منّا وتشهدنا ليقبضها منّا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامناً لها ـ يعني علياً (ع) - وفاطمة فيما بين الستر والباب ... (الحديث) (?)!!

فهذا النص يعارض تهمتكم للصحابة ولعمر رضي الله عنهم، ويخالف أصل دعوتكم أن عمر منع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكتابة، فجبريل هو من طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - اخراج من عنده إلا علي بن أبي طالب لتبليغ الوصية.

ولا يفهم من قوله (قوموا عني) غضباً أو أنه طردهم! كما يظن بعض المرضى، وإنما هو حسم للخلاف، فقد صح في الحديث الذي أخرجه الشيخان من حديث جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه " (?).فهل قوله - صلى الله عليه وسلم - ههنا قوموا عنه يريد تركه أو مخالفته؟!

أم يريد ترك الخلاف وحسمه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015