المطلب الرابع أما عن ادعائهم أن عمر - رضي الله عنه - أتلف حق الأمة لما منع الكتابة

المطلب الخامس قوله - صلى الله عليه وسلم - (قوموا عني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني)

المطلب الرابع

أما عن ادعائهم أن عمر - رضي الله عنه - أتلف حق الأمة لما منع الكتابة.

فأقول: أين الدليل أن عمر - رضي الله عنه - منع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الكتابة؟ وهل بمقدور عمر - رضي الله عنه - أو غيره منع النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتابة أمر فيه تبليغ شرع الله؟ واين أنت من قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} المائدة67.

ولا أرى في قول عمر - رضي الله عنه - (حسبكم كتاب الله) منعاً من الكتابة، وإنما هو حسم للخلاف الذي وقع -كما مر- فأين الإتلاف؟ ثم زعمتم أنّ علياً معصوم من الخطأ؟ فهل سكوته عن هذا الأمر نقض للعصمة أو لا؟

ثم لو سلمنا -جدلاً- أن الكتاب كان بالتنصيص على الوصية لعلي - رضي الله عنه - من بعده، ثم تزعمون أن الوصية ثبتت بالقرآن الكريم وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -،وقد نقل إجماعكم على هذه العقيدة شيخكم المفيد في مقالاته حيث قال:"واتفقت الإمامية على أن رسول الله صلى الله عليه وآله استخلف أمير المؤمنين عليه السلام في حياته، ونص عليه بالإمامة بعد وفاته، وأن من دفع ذلك دفع فرضاً من الدين " (?).

وزعمتم أنّ الأمة شهدت كلها في غدير خم فأين الإتلاف إذن؟ هذا إذا سلمنا جدلا أن عمر - رضي الله عنه - كان بمقدوره فعل ذلك -وحاشاه-.

ثم أنتم تقولون بوجوب كتمان الوصية فأين الإتلاف المزعوم؟ إذا كان الأصل عدم إعلان الوصية فما فعله عمر - رضي الله عنه - على ادعائكم- حق وشرع محضّ، إذ جاء في الكليني عن أبي عبد الله أنه قال: "يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله " (?).

وأظهر من ذلك ما روى عن أبي جعفر أنه قال:"ولاية الله أسرها إلى جبرئيل عليه السلام وأسرها جبرئيل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وأسرها محمد إلى علي عليه السلام وأسرها علي إلى من شاء الله، ثم أنتم تذيعون ذلك ". (?)

المطلب الخامس

قوله - صلى الله عليه وسلم - (قوموا عني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني).

وقوله - صلى الله عليه وسلم - قوموا عني: هو خطاب موجه لمن حوله في البيت لما اختلفوا وتنازعوا في أمر الكتابة، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قوموا عني من شدة ما يصيب المريض من الانزعاج من أشياء قد لا تكون مزعجة له قبل المرض، وهذا أمر طبعي فأي إنسان قد يتأذى من أي شيء حتى لو كان هذا الشيء مباحاً وربما مسنوناً، وقد نبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا الأمر فأخرج الشيخان من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - قال: قال رجل يا رسول الله لا أكاد أدرك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015