حديث المصراه (صفحة 21)

صارت أصولا لمجيء الشريعة بها وخبر المصراة قد جاء به الشرع من طرق جياد أشهرها هذا الطريق فالقول به واجب وليس تركه لسائر الأصول بأولى من تركها له"1.

وقال الحافظ: "ابن حجر والأصول الكتاب والسنة والإجماع والقياس والكتاب والسنة في الحقيقة هما الأصل والآخران مردودان إليهما فالسنة أصل والقياس فرع فكيف يرد الأصل بالفرع بل الحديث الصحيح أصل بنفسه فكيف يقال أن الأصل يخالف نفسه وعلى تقدير التسليم يكون قياس الأصول يفيد القطع وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن فتناول الأصل لا يخالف هذا الخبر الواحد غير مقطوع به لجواز استثناء محله عن ذلك الأصل"2.

ثم قال: "قال ابن السمعاني: متى ثبت الخبر صار أصلا من الأصول ولا يحتاج إلى عرضه على أصلَ آخر لأنه إن وافقه فذاك وإن خالفه فلا يجوز رد أحدهما لأنه رد للخبر بالقياس وهو مردود باتفاق فإن السنة مقدمة على القياس بلا خلاف إلى أن قال والأولى عندي في هذه المسألة تسليم الأقيسة لكنها ليست لازمة لأن السنة الثابتة مقدمة عليها والله تعالى أعلم"3.

وقال ابن القيم:"والحديث موافق لأصول الشريعة وقواعدها ولو خالفها لكان أصلا بنفسه كما أن غيره أصل بنفسه وأصول الشرع لا يضرب بعضها ببعض كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب كتاب الله بعضه ببعض بل يجب اتباعها كلها ويقر كل منها على أصله وموضعه فإنها كلها من عند الله الذي أتقن شرعه وخلقه وما عدا هذا فهو الخطأ الصريح"4.

قلت: ولا يخفى ما في هذه الاعتراضات التي اعترض بها على حديث المصراة من التكلف وعسف الأدلة فالواجب على كل منصف أن يقف مع النص ولا يتعداه إلى غديره لأنه جاء عن من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. وهو الذي أصل الأصول وبن الحلال من الحرام وقد أمر الله تعالى باتباعه وحذر عن مخالفة أمره عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم فقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 5

وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 6

طور بواسطة نورين ميديا © 2015