إليه" «1» . وهكذا ظهر إلى الوجود كتاب صورة الأرض لأبي القاسم بن حوقل النصيبي بعد لقائه الإصطخري سنة 340 هـ. وقد رفع ابن حوقل المسودة الأولى من مصنفه إلى سيف الدولة الحمداني (توفي سنة 356 هـ) ، وترجع المسودة الثانية إلى حوالي سنة 367 هـ «2» . كان عمل الإصطخري إذن الأساس الذي بنى عليه ابن حوقل كتابه، حيث كان ينسخ كتاب مسالك الممالك ويتدخل بين الحين والآخر مضيفا كلمة أو جملة أو صفحة وربما أكثر من ذلك. وعلى هذا فقد تداخلت ثلاثة كتب في بعضها: أولها للبلخي وهو مفقود، والثاني للإصطخري الخارج من جبة البلخي، والثالث لابن حوقل المستعير عباءة الإصطخري بطلب شخصي منه، والكتابان الثاني والثالث كما هو معلوم موجودان متداولان.
لقد قدم العلامة بار تولد في مقدمته القيمة لكتاب حدود العالم، نماذج من التقاء نصوص هذا الكتاب مع نصوص كتاب الإصطخري «3» . ومع ذلك يظل موضوع الجزم فيما إذا كان مؤلف حدود العالم قد نقل بشكل مباشر عن البلخي أم الإصطخري أمرا شائكا يحتاج إلى مزيد من الدراسة. لقد ركزنا في الهوامش على مواضع الالتقاء بين حدود العالم وكتاب الإصطخري مسالك الممالك لأهمية هذا الأمر.
أما المصدر الآخر الذي يرجح أن يكون مؤلفنا المجهول قد أفاد منه فهو المسالك والممالك لأبي عبد الله محمد بن أحمد الجيهاني الأديب والعالم والسياسي الذي أصبح وزيرا للأمير نصر بن أحمد الساماني (حكم من 301- 331 هـ) منذ السنة الأولى لحكمه. يقول مينورسكي في مقدمة طبائع الحيوان:
" وحدود العالم الذي بدأ مؤلفه المجهول بتصنيفه سنة 372 هـ بمدينة الجوزجان (شمالي أفغانستان) ، أفاد فيه مؤلفه فيما يتعلق بالأصقاع الإسلامية من روايات أبي زيد البلخي التي أدخلت عليها تحسينات بواسطة الإصطخري. إلا أن الاهتمام الخاص للمؤلف فيما يتعلق بالفصول المخصصة للصين والهند وبلاد الترك والذي تتفق معلوماته تماما مع ما هو موجود