قال القرطبيّ: فإيمانهما به بعد الرّجعة ينفعهما كرامة له صلى الله عليه وسلم، كما وقعت صلاة سليمان عليه السّلام أداء، لمّا ردّ الله عليه الشّمس بعد غروبها كرامة له، والله يختصّ برحمته من يشاء، ويكرم بكرامته من يشاء (?) .
وفي السّنة السّابعة: وفد جدّه عبد المطّلب على سيف بن ذي يزن الحميريّ، لتهنئته بأخذه (صنعاء) وبظفره ب (الحبشة) ، فأكرمه وأخبره هو والكهّان الوافدون عليه بنبوّة محمّد صلى الله عليه وسلم، وأنّه أبوه، وأنّه سيكون له شأن عظيم.
وفي السّنة الثّامنة: توفّي جدّه عبد المطّلب، فكفله عمّه أبو طالب، واسمه: عبد مناف؛ لأنّه شقيق عبد الله، فأحسن كفالته، وتعرّف منه اليمن والبركة، ودافع عنه بعد مبعثه بيده ولسانه، وكان إذا أكل هو وأولاده فأكل معهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم شبعوا، وإذا لم يأكل معهم لم يشبعوا.
وفي السّنة الثّالثة عشرة: خرج به عمّه أبو طالب في تجارة إلى (الشّام) ، فلمّا بلغوا (بصرى) ، رآه الرّاهب بحيرا- بفتح الموحّدة وكسر المهملة ممدودا- فتحقّق فيه صفات النّبوّة، فأمر أبا طالب أن يردّه إلى (مكّة) خوفا عليه من اليهود والنّصارى، فرجع به.
وروى التّرمذيّ في «جامعه» أنّ نفرا من الرّوم أرادوا به سوآ، فمنعهم بحيرا وذكّرهم الله، وقال: أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه، أيقدر أحد من النّاس أن يردّه؟ فقالوا: لا، وانصرفوا (?) .