هربه من الْمَدِينَة، وفتنة السَّرَّاء إِمَّا تغلب الْمُخْتَار وإفراطه فِي الْقَتْل والنهب يَدْعُو ثأر أهل الْبَيْت، فَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " يزْعم أَنه مني " مَعْنَاهُ من حزب أهل الْبَيْت وناصريهم، ثمَّ اصْطَلحُوا على مَرْوَان وَأَوْلَاده، أَو خُرُوج أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي لبني الْعَبَّاس يزْعم أَنه يسْعَى فِي خلَافَة أهل الْبَيْت، ثمَّ اصْطَلحُوا على السفاح، والفتنة الدهيماء تغلب الجنكيزية على الْمُسلمين ونهبهم بِلَاد الْإِسْلَام.
وَبَين النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَاط السَّاعَة وَهِي ترجع إِلَى أَنْوَاع: الْفِتَن الَّتِي مر ذكرهَا وشيوعها وَكَثْرَتهَا فَإِن التّلف من القرف، وَإِنَّمَا يَجِيء النُّقْصَان من حَيْثُ يَجِيء الْهَلَاك، وَشرح هَذَا يطول.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِن من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم، وَيكثر الْجَهْل، وَيكثر الزِّنَا، وَيكثر شرب الْخمر. ويقل الرِّجَال. وَيكثر النِّسَاء حَتَّى يكون لخمسين امْرَأَة الْقيم الْوَاحِد ". والحشر فِي لِسَان الشَّرِيعَة مقول على مَعْنيين: حشر النَّاس إِلَى الشَّام، وَهُوَ وَاقعَة قبل الْقِيَامَة حِين يقل النَّاس على وَجه الأَرْض يحْشر بَعضهم بتقريبات وَبَعْضهمْ بِنَار تسوقهم. وَحشر هُوَ الْبَعْث بعد الْمَوْت، وَقد ذكرنَا من قبل أسرار الْمعَاد، وَالله أعلم.
الْفِتَن الْعَظِيمَة الَّتِي أخبر بهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَربع: الأولى: فتْنَة أَمارَة على أقذاء، وَذَلِكَ صَادِق بمشاجرات الصَّحَابَة بعد مقتل عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ إِلَى أَن اسْتَقَرَّتْ خلَافَة مُعَاوِيَة، وَهِي الَّتِي أُشير إِلَيْهَا بقوله: " هدنة عل دخن " وَهُوَ الَّذِي يعرف أمره وينكر لِأَنَّهُ كَانَ على سيرة الْمُلُوك لَا على سيرة الْخُلَفَاء قبله.
الثَّانِيَة فتْنَة الأحلاس. وفتنة الدعاة إِلَى أَبْوَاب جَهَنَّم، وَذَلِكَ صَادِق باخْتلَاف النَّاس وخروجهم طَالِبين الْخلَافَة بعد موت مُعَاوِيَة إِلَى أَن اسْتَقَرَّتْ خلَافَة عبد الْملك.
الثَّالِثَة فتْنَة السَّرَّاء. والجبرية. والعتو، وَذَلِكَ صَادِق بِخُرُوج بني الْعَبَّاس على بني أُميَّة إِلَى أَن اسْتَقَرَّتْ خلَافَة العباسية ومهدوها على رسوم الأكاسرة وَأخذُوا بجبرية وعتو.
الرَّابِعَة فتْنَة تلطم جَمِيع النَّاس إِذا قيل: انْقَضتْ تمادت حَتَّى رَجَعَ النَّاس إِلَى فسطاطتين وَذَلِكَ صَادِق بِخُرُوج الأتراك الجنكيزية وإبطالهم خلَافَة بني الْعَبَّاس ومزقهم على وَجههَا الْفِتَن.