اقول لما أَرَادَ الله ظُهُور مِلَّة الْإِسْلَام اخْتَار قوما ومرنهم لانقياد والاذعان وَجمع الهمة على مُوَافقَة حكم الله ثمَّ كَانَت الْأَحْكَام المفصلة فِي الْكتاب وَالسّنة تَفْصِيلًا لذَلِك الاذعان الاجمالي. ثمَّ إِنَّهَا تخرج من صُدُورهمْ على غَفلَة مِنْهَا وَذُهُول شَيْئا فَشَيْئًا فَيرى الْإِنْسَان أظرف مَا يكون وأعقله وَلَيْسَ فِي قلبه مِقْدَار شَيْء من الامانة لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى دين الله وَلَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى معاملات النَّاس،

وَقَالَ حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ: " قلت يَا رَسُول الله أَيكُون بعد هَذَا الْخَيْر

شَرّ كَمَا كَانَ قبله شَرّ؟ قَالَ: نعم قلت: فَمَا الْعِصْمَة؟ قَالَ: السَّيْف، قلت وَهل بعد السَّيْف بَقِيَّة؟ قَالَ: نعم يكون إِمَارَة على أقذاء وهدنة على دخن: قلت: مَاذَا؟ قَالَ: ثمَّ ينشأ دعاة الضلال فان كَانَ لله فِي الأَرْض خَليفَة جلد ظهرك وَأخذ مَالك فأطمعه وَإِلَّا فمت وَأَنت عاض على جذل شَجَرَة "

أَقُول: الْفِتْنَة الَّتِي يكون الْعِصْمَة فِيهَا السَّيْف ارتداد الْعَرَب فِي أَيَّام أبي بكر رَضِي الله عَنهُ، وَأما أَمارَة على أقذاء فالمشاجرات الَّتِي وَقعت فِي ايام عُثْمَان وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا، ودعاة الضلال يزِيد بِالشَّام ومختار بالعراق، وَنَحْو ذَلِك حَتَّى اسْتَقر الْأَمر على عبد الْملك.

وَذكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتْنَة الاحلاس قيل: وَمَا فتْنَة الاحلاس؟ قَالَ: هِيَ هرب وَحرب " قَالَ: " ثمَّ فتْنَة السَّرَّاء دخنها من تَحت قدمي رجل من أهل بَيْتِي يزْعم أَنه مني وَلَيْسَ مني إِنَّمَا أوليائي المتقون، ثمَّ يصطلح النَّاس على رجل كورك على ضلع " ثمَّ فتْنَة الدهيماء لَا تدع أحدا من هَذِه الْأمة إِلَّا لطمته لطمة، فاذا قيل: انْقَضتْ تمادت.

أَقُول: يشبه وَالله أعلم أَن تكون فتْنَة الأحلاس قتال أهل الشَّام عبد الله ابْن الزبير بعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015