الْمَوْتَى بعد انفكاكهم عَن الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَا رَوَاهُ جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ وكعلم مَا سَيكون من الوقائع الْآتِيَة فِي الدُّنْيَا.
وَأما الروؤيا الملكية فيحققها أَن فِي الْإِنْسَان ملكمات حَسَنَة وملكات قبيحة وَلَكِن لَا يعرف حسنها وقبحها إِلَّا المتجرد إِلَى الصُّورَة الملكية فَمن تجرد إِلَيْهَا تظهر حَسَنَاته وسيآته فِي صُورَة مثالية فَصَاحب هَذَا يرى الله تَعَالَى، وَأَصله الانقياد للبارى، وَيرى الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصله الانقياد للرسول المركوز فِي صَدره، وَيرى الْأَنْوَار وَأَصلهَا الطَّاعَات المكتسبة فِي صَدره وجوارحه تظهر فِي صُورَة الْأَنْوَار والطيبات كالعسل وَالسمن وَاللَّبن، فَمن رأى الله أَو الرَّسُول أَو الْمَلَائِكَة فِي صُورَة قبيحة أَو فِي صُورَة الْغَضَب فليعرف أَن فِي اعْتِقَاده خللا وضعفا وَأَن نَفسه لم تتكمل، وَكَذَلِكَ الْأَنْوَار الَّتِي حصلت بِسَبَب الطَّهَارَة تظهر فِي صُورَة الشَّمْس وَالْقَمَر.
وَأما التخويف من الشَّيْطَان فوحشه وَخَوف من الْحَيَوَانَات الملعونة كالقرد، والفيل. وَالْكلاب. والسودان من النَّاس فَإِذا رأى ذَلِك فليتعوذ بِاللَّه وليتفل ثَلَاثًا على يسَاره وليتحول عَن جنبه الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.
وَأما الْبُشْرَى فلهَا تَعْبِير والعمدة فِيهِ معرفَة الخيال أَي شَيْء مَظَنَّة لأي معنى فقد ينْتَقل الذِّهْن من الْمُسَمّى إِلَى الِاسْم كرؤية النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه كَانَ فِي دَار عقبَة بن رَافع فَأتى برطب ابْن طَابَ " قَالَ
عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " فأولت أَن الرّفْعَة لنا فِي الدُّنْيَا والعافية فِي الْآخِرَة وَأَن ديننَا قد طَابَ.
وَقد ينْتَقل الذِّهْن من الملابس إِلَى مَا يلابسه كالسيف لِلْقِتَالِ، وَقد ينْتَقل الذِّهْن من الْوَصْف إِلَى جَوْهَر مُنَاسِب لَهُ كمن غلب عَلَيْهِ حب المَال رَآهُ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَة سوار من ذهب.
وَبِالْجُمْلَةِ فللانتقال من شَيْء إِلَى شَيْء صور شَتَّى، وَهَذِه الرُّؤْيَا شُعْبَة من النُّبُوَّة لِأَنَّهَا ضرب من إفَاضَة غيبية وتدل من الْحق إِلَى الْخلق وَهُوَ أصل النُّبُوَّة، وَأما سَائِر أَنْوَاع الرُّؤْيَا فَلَا تَعْبِير لَهَا.