التشريع فَإِنَّهُ لَا معنى من للخصوصية الْعِنَب وَإِنَّمَا الْمُؤثر فِي التَّحْرِيم كَونه مزيلا لِلْعَقْلِ يَدْعُو قَلِيله إِلَى كَثِيره فَيجب بِهِ القَوْل، وَلَا يجوز لأحد الْيَوْم أَن يذهب إِلَى تَحْلِيل مَا اتخذ من غير الْعِنَب، وَاسْتعْمل أقل من حد الْإِسْكَار.
نعم كَانَ نَاس من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لم يبلغهم الحَدِيث فِي أول الْأَمر فَكَانُوا معذورين، وَلما استفاض الحَدِيث وَظهر الْأَمر - وَلَا كرابعة النَّهَار - وَصَحَّ حَدِيث " ليشر بن نَاس من أمتِي الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا " لم يبْقى عذر " أعاذنا الله تَعَالَى وَالْمُسْلِمين من ذَلِك.
وَسُئِلَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْخمر تتَّخذ خلا؟ قَالَ: " لَا وَقيل إِنَّمَا أصنعها للدواء فَقَالَ: " إِنَّه لَيْسَ بدواء وَلكنه دَاء ".
أَقُول: لما كَانَ النَّاس مولعين بِالْخمرِ وَكَانُوا يتحيلون لَهَا حيلا لم تتمّ الْمصلحَة إِلَّا بِالنَّهْي عَنْهَا على كل حَال لِئَلَّا يبْقى عذر لأحد وَلَا حِيلَة.
وَنهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن خليط التَّمْر والبسر، وَعَن خليط الزَّبِيب وَالتَّمْر، وَعَن خليط الزهو وَالرّطب أَقُول: السِّرّ فِي ذَلِك أَن الْإِسْكَار يسْرع إِلَيْهِ بِسَبَب الْخَلْط قبل أَن يتَغَيَّر طعمه فيظن الشَّارِب أَنه لَيْسَ بمسكر وَيكون مُسكرا.
وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتنفس فِي الشَّرَاب ثَلَاثًا وَيَقُول: " إِنَّه أروى وَأَبْرَأ وأمرأ " أَقُول: ذَلِك لِأَن الْمعدة إِذا وصل إِلَيْهَا المَاء قَلِيلا قَلِيلا صرفته الطبيعة إِلَى مَا يهمها وَإِذا هجم عَلَيْهَا المَاء الْكثير تحيرت فِي تصريفه والمبرود إِذا لفى فِي معدته المَاء أَصَابَته الْبُرُودَة لضعف قوته من مزاحمة الْقدر الْكثير بِخِلَاف مَا إِذا تدرج، والمحرور إِذا ألْقى على معدته مَاء دفْعَة حصلت بَينهمَا المدافعة وَلم تتمّ الْبُرُودَة، وَإِذا ألْقى شَيْئا فَشَيْئًا وَقعت الْمُزَاحمَة أَولا ثمَّ ترجحت الْبُرُودَة.
وَنهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الشَّارِب من فِي السقاء وَعَن اختناث الأسقية أَقُول: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا ثنى فَم الْقرْبَة فَشرب مِنْهُ فَإِن المَاء يتدفق وَينصب فِي فِي حلقه