وَنهى عَن كل ذِي نَاب من السبَاع لخُرُوج طبيعتها من الِاعْتِدَال ولشكاسة أخلاقها وقسوة قلوبها.
وطير يُبَاح مِنْهُ الْحمام والعصفور لِأَنَّهُمَا من المستطاب، وَنهى عَن كل ذِي مخلب وسمى بَعْضهَا فَاسِقًا فَلَا يجوز تنَاوله وَيكرهُ مَا يَأْكُل الْجِيَف والنجاسة وكل مَا يستخبثه الْعَرَب لقَوْله تَعَالَى:
{يحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث} .
وَأكل الجرادفي عَهده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَن الْعَرَب يستطيبونه وبحري يُبَاح مِنْهُ مَا يستطيبه الْعَرَب كالسمك والعنبر وَأما مَا يستخبثه
الْعَرَب ويسميه باسم حَيَوَان محرم كالخنزير فَفِيهِ تعَارض الدَّلَائِل وَالتَّعَفُّف أفضل.
وَسُئِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن السّمن مَاتَت فِيهِ الْفَأْرَة: فَقَالَ " ألقوها وَمَا حولهَا وكلوه " وَفِي رِوَايَة " إِذا وَقعت الْفَأْرَة فِي السّمن فان كَانَ جَامِدا فألقوها وَمَا حولهَا وَإِن كَانَ مَائِعا فَلَا تقربوه ".
أَقُول: الجيفة وَمَا تأثر من منهاني جَمِيع الْأُمَم والملل فَإِذا تميز الْخَبيث من غَيره ألْقى الْخَبيث وَأكل الطّيب وَإِن لم يُمكن التميز حرم كُله. وَدلّ الحَدِيث على حُرْمَة كل نجس ومتنجس.
وَنهى عَلَيْهِ السَّلَام عَن أكل الْجَلالَة وَأَلْبَانهَا، أَقُول ذَلِك لِأَنَّهَا لما شربت أعضائها النَّجَاسَة وانتشرت فِي جَمِيع أَجْزَائِهَا كَانَ حكمهَا حكم النَّجَاسَات أَو حكم من يتعيش بالنجاسات.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ أما الْمَيتَتَانِ الْحُوت وَالْجَرَاد والدمان الكبد وَالطحَال "، أَقُول: الكبد وَالطحَال عضوان من أَعْضَاء بدن الْبَهِيمَة لكنهما يشبهان الدَّم فأزاح النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشّبَه فيهمَا وَلَيْسَ فِي الْحُوت وَالْجَرَاد دم مسفوح فَلذَلِك لم يشرع فيهمَا الذّبْح، وَأمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتل الوزغ وَسَماهُ فَاسِقًا وَقَالَ: " كَانَ ينْفخ على إِبْرَاهِيم " وَقَالَ: " من قتل وزغا فِي أول ضَرْبَة كتب لَهُ كَذَا وَكَذَا وَفِي الثَّانِيَة دون ذَلِك وَفِي الثَّالِثَة دون ذَلِك ".
أَقُول: بعض الْحَيَوَان جبل بِحَيْثُ يصدر مِنْهُ أَفعَال وهيآت شيطانية وَهُوَ أقرب الْحَيَوَان شبها بالشيطان وأطوعه لوسوسته، وَقد علم النَّبِي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن مِنْهُ الوزغ وَنبهَ على ذَلِك بِأَنَّهُ كَانَ ينْفخ على إِبْرَاهِيم لانقياده بِحَسب الطبيعة لوسوسة الشَّيْطَان وَإِن لم ينفع نفخه فِي