والفيء أغنياؤهم دولة فيهملوا جَانب المحتاجين، ولسد بَاب الظَّن السَّيئ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقرابته.
وَإِنَّمَا شرعت الْأَنْفَال والأرضاخ لِأَن الْإِنْسَان كثيرا مَا يقدم على مهلكة إِلَّا لشَيْء لَا يطْمع فِيهِ، وَذَلِكَ ديدن وَخلق للنَّاس لَا بُد من رعايته.
وَإِنَّمَا جعل للفارس ثَلَاثَة أسْهم وللراجل سهم لِأَن غناء الْفَارِس عَن الْمُسلمين أعظم ومؤنته أَكثر وَإِن رَأَيْت حَال الجيوش لم تشك أَن الْفَارِس لَا يطيب قلبه وَلَا تَكْفِي ومؤنته إِذا جعلت جائزته دون ثَلَاثَة أَضْعَاف سهم الراجل لَا يخْتَلف فِيهِ طوائف الْعَرَب والعجم على اخْتِلَاف أَحْوَالهم وعاداتهم.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَئِن عِشْت إِن شَاءَ الله لأخْرجَن الْيَهُود وَالنَّصَارَى من جَزِيرَة الْعَرَب " وَأوصى بِإِخْرَاج الْمُشْركين مِنْهَا. أَقُول: عرف النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن الزَّمَان دوَل وسجال فَرُبمَا ضعف الْإِسْلَام وانتشر شَمله فَإِن كَانَ الْعَدو فِي مثل هَذَا الْوَقْت فِي بَيْضَة الْإِسْلَام ومحتده أفْضى ذَلِك إِلَى هتك حرمات الله وقطعها فَأمر بإخراجهم من حوالي دَار الْعلم وَمحل بَيت الله.
وَأَيْضًا المخالطة مَعَ الْكفَّار تفْسد على النَّاس دينهم وَتغَير نُفُوسهم، وَلما لم يكن بُد من المخالطة فِي الأقطار أَمر بتنقية الْحَرَمَيْنِ مِنْهُم، وَأَيْضًا انْكَشَفَ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يكون فِي آخر الزَّمَان فَقَالَ: " إِن الدّين ليأرز إِلَى الْمَدِينَة " الحَدِيث وَلَا يتم ذَلِك إِلَّا بألا يكون هُنَاكَ من أهل سَائِر الْأَدْيَان، وَالله أعلم.