أَخِيه وَترد شَهَادَة القانع لأهل الْبَيْت " وَقَالَ الله تَعَالَى فِي القذفة:

{وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذين تَابُوا} الْآيَة.

وَفِي حكم الْقَذْف. وَالزِّنَا سَائِر الْكَبَائِر، وَذَلِكَ لِأَن الْخَبَر يحْتَمل فِي نَفسه الصدْق وَالْكذب وَإِنَّمَا يتَرَجَّح أحد المحتملين بِالْقَرِينَةِ، وَهِي إِمَّا فِي الْمخبر أَو الْمخبر عَنهُ أَو غَيرهمَا، وَلَيْسَ شَيْء من ذَلِك مضبوطا يحِق أَن يدار عَلَيْهِ الحكم التشريعي إِلَّا صِفَات الْمخبر غير مَا ذكرنَا من الظَّاهِر والاستصحاب، وَقد اعْتبر مرّة حَيْثُ شرع للْمُدَّعِي الْبَيِّنَة وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ الْيَمين ثمَّ اعْتبر عدد الشُّهُود على أطوار وزعها على أَنْوَاع الْحُقُوق، فالزنا لَا يثبت إِلَّا بأَرْبعَة شُهَدَاء. وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى:

{وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء} الْآيَة.

وَقد ذكر سَبَب مَشْرُوعِيَّة هَذَا من قبل.

وَلَا يعْتَبر فِي الْقصاص وَالْحُدُود إِلَّا شَهَادَة رجلَيْنِ، وَالْأَصْل فِيهِ قَول الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: جرت السّنة من عهد رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلا تقبل شَهَادَة النِّسَاء فِي الْحُدُود، وَيعْتَبر فِي الْحُقُوق الْمَالِيَّة شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ، وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى:

{فَإِن لم يَكُونَا رجلَيْنِ فَرجل وَامْرَأَتَانِ} .

وَقد نبه الله تَعَالَى على سَبَب مَشْرُوعِيَّة الْكَثْرَة فِي جَانب النِّسَاء " فَقَالَ:

{أَن تضل إِحْدَاهمَا فَتذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى} .

يَعْنِي هن ناقصات الْعقل، فَلَا بُد من جبر هَذَا النُّقْصَان بِزِيَادَة الْعدَد.

وَقضى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاهِد وَيَمِين وَذَلِكَ لِأَن الشَّاهِد الْعدْل إِذا لحق مَعَه الْيَمين تَأَكد الْأَمر، وَأمر الشَّهَادَات لَا بُد فِيهِ توسعة، وَجَرت السّنة أَنه إِذا كَانَ ريب زكى الشَّاهِدَانِ، وَذَلِكَ لِأَن شَهَادَتهمَا إِنَّمَا

اعْتبرت من جِهَة صفاتهما المرجحة للصدق على الْكَذِب فَلَا بُد من تبينها.

وَجَرت السّنة أَنه إِذا كَانَ ريب غلظت الْأَيْمَان بِالزَّمَانِ وَالْمَكَان وَاللَّفْظ، وَذَلِكَ لِأَن الْأَيْمَان إِنَّمَا صَارَت دَلِيلا على صدق الْخَبَر من جِهَة اقتران قرينَة تدل على أَنه لَا يقدم على الْكَذِب مَعهَا فَكَانَ حَقّهَا إِذا كَانَ زِيَادَة ريب طلب قُوَّة الْقَرَائِن، فِي اللَّفْظ زياده الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْلِف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة " وَنَحْو ذَلِك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015