رَضِي الله عَنهُ بِمحضر من الصحابه رَضِي الله عَنْهُم على الْمَغْرُور أَن يفدى بِمثل أَوْلَاده.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من وجد عين مَاله عِنْد رجل فَهُوَ أَحَق بِهِ، وَيتبع البيع من بَاعه " أَقُول السَّبَب الْمُقْتَضِي لهَذَا الحكم أَنه إِذا وَقعت هَذِه الصُّورَة فَيحْتَمل أَن يكون فِي كل جَانب الضَّرَر والجور، فَإِذا وجد مَتَاعه عِنْد رجل. فان كَانَت السّنة أَن يهمله حَتَّى يجد بَائِعه فَفِيهِ ضَرَر عَظِيم لصَاحب الْمَتَاع، فان الْغَاصِب أَو السَّارِق إِذا عثر على خيانته رُبمَا يحْتَج بِأَنَّهُ اشْترِي من إِنْسَان يذب بذلك عَن نَفسه، وَرُبمَا يكون السَّارِق وَالْغَاصِب وكل بعض النَّاس بِالْبيعِ لِئَلَّا يُؤَاخذ هُوَ وَلَا البَائِع، وَفِي ذَلِك فتح بَاب ضيَاع حُقُوق النَّاس، وَرُبمَا لَا يجد البَائِع إِلَّا عِنْد غيبَة هَذَا المُشْتَرِي فيؤاخذه فَلَا يجد عِنْده شَيْء فيسكت على خيبة، وَإِن كَانَت السّنة أَن يقبضهُ فِي الْحَال فَفِيهِ ضَرَر للْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ رُبمَا يبْتَاع من السُّوق لَا يدْرِي من البَائِع وَأَيْنَ مَحَله ثمَّ يسْتَحق مَاله وَلَا يجد البَائِع فيسكت على خيبة وَرُبمَا يكون لَهُ حَاجَة إِلَى الْمَتَاع وَيكون فِي قبض
الْمُسْتَحق إِيَّاه حوالته على البَائِع فَوت حَاجته فَلَمَّا دَار الْأَمر بَين ضررين وَلم يكن بُد من وجود أَحدهمَا وَجب أَن يرجع إِلَى الْأَمر الظَّاهِر الَّذِي تقبله أفهام النَّاس من غير رِيبَة وَهُوَ هُنَا أَن الْحق تعلق بِهَذِهِ الْعين وَالْعين تحبس فِي الْعين الْمُتَعَلّق بِهِ إِذا قَامَت الْبَيِّنَة وارتفع الأشكال، وعَلى هَذَا الْقيَاس يَنْبَغِي أَن تعْتَبر القضايا.
وَقضى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن على أهل الحوائط حفظهَا بِالنَّهَارِ وَأَن مَا أفسدت الْمَوَاشِي فَهُوَ ضَامِن على أَهلهَا أَقُول: السَّبَب الْمُقْتَضِي لهَذَا الْقَضَاء أَنه إِذا أفسدت الْمَوَاشِي حَوَائِط النَّاس كَانَ الْجور والعذر مَعَ كل وَاحِد، فَصَاحب الْمَاشِيَة يحْتَج بِأَنَّهُ لَا بُد أَن يسرح مَاشِيَته فِي المرعى وَإِلَّا هَلَكت جوعا، وَاتِّبَاع كل بَهِيمَة وحفظها يفْسد عَلَيْهِم الارتفاقات الْمَقْصُودَة، وَأَنه لَيْسَ لَهُ اخْتِيَار فِيمَا أتلفته بهيمته، وَأَن صَاحب الْحَائِط هُوَ الَّذِي قصر فِي حفظ مَاله وَتَركه فِي بمضيعة، وَصَاحب الْحَائِط يحْتَج بِأَن الْحَائِط لَا تكون إِلَّا خَارج الْبِلَاد فحفظها والذب عَنْهَا والاقامة عَلَيْهَا يفْسد حَاله، وَأَن صَاحب الْمَاشِيَة هُوَ الَّذِي سرحها فِي الْحَائِط أَو قصر فِي حفظهَا، فَلَمَّا دَار الْأَمر بَينهمَا وَكَانَ لكل وَاحِد جور وَعذر، وَجب أَن يرجع إِلَى الْعَادة المألوفة الفاشية بَينهم فيبنى، الْجور على مجاوزتها، وَالْعَادَة أَن يكون فِي كل حَائِط فِي النَّهَار من يعْمل فِيهِ، وَيصْلح أمره، ويحفظه. وَأما فِي اللَّيْل فيتركونه، ويبيتون فِي الْقرى والبلاد، وَأَن أهل الْمَاشِيَة يجمعُونَ ماشيتهم بِاللَّيْلِ فِي بُيُوتهم، ثمَّ يسرحونها فِي النَّهَار للرعي، فَاعْتبر الْجور أَن يُجَاوز الْعَادة الفاشية بَينهم.