وَوَعدك مَا اسْتَطَعْت، أعوذ بك من شَرّ مَا صنعت، أَبُوء لَك بنعمتك عَليّ، وأبوء بذنبي، فَاغْفِر لي فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت ".
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِنَّه ليغان على قلبِي، وَإِنِّي لأستغفر الله تَعَالَى فِي الْيَوْم مائَة مرّة " أَقُول: حَقِيقَة هَذَا الْغَيْن أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأْمُور أَن يصبر نَفسه مَعَ عَامَّة الْمُؤمنِينَ فِي هَيْئَة امتزاجية بَين الملكية والبهيمية ليَكُون قدوة للنَّاس فِيمَا سنّ لَهُم على وَجه الذَّوْق والوجدان دون الْقيَاس والتخمين، وَكَانَ من لوازمها الْغَيْن وَالله أعلم.
وَمِنْهَا التَّبَرُّك باسم الله تَعَالَى، وسره أَن الْحق لَهُ تدل فِي كل نشأة وَمن تدليه فِي النشأة الحرفية الْأَسْمَاء الإلهية النَّازِلَة على أَلْسِنَة التراجمه والمتداولة فِي الْمَلأ الْأَعْلَى، فَإِذا توجه العَبْد إِلَيْهِ وجد رَحْمَة الله قريبَة.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِن لله تِسْعَة وَتِسْعين اسْما مائَة إِلَّا وَاحِدًا من أحصاها دخل الْجنَّة " أَقُول: من أَسبَاب هَذَا الْفضل أَنَّهَا نِصَاب صَالح لمعْرِفَة مَا يثبت للحق، ويسلب عَنهُ، وَأَن لَهَا بركَة وتمكنها فِي حَظِيرَة الْقُدس، وَأَن صورتهَا إِذا اسْتَقَرَّتْ فِي صحيفَة عمله وَجب أَن يكون انفساحها إِلَى رَحْمَة عَظِيمَة.
وَاعْلَم أَن الِاسْم الْأَعْظَم الَّذِي إِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى، وَإِذا دعِي بِهِ أجَاب هُوَ الِاسْم الَّذِي يدل على أجمع تدل من تدليات الْحق، وَالَّذِي تداوله الْمَلأ الْأَعْلَى أَكثر تداول، ونطقت بِهِ التراجمة فِي كل عصر، وَقد ذكرنَا أَن زيدا الشَّاعِر الْكَاتِب لَهُ صُورَة أَنه شَاعِر وَصُورَة أَنه كَاتب، وَكَذَلِكَ للحق تدليات فِي موطن من الْمِثَال وَهَذَا معنى يصدق على أَنْت الله لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الْأَحَد الصَّمد الَّذِي لم يلد، وَلم يُولد، وَلم يكن لَهُ كفوا أحد، وعَلى لَك الْحَمد، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الحنان المنان بديع السَّمَوَات وَالْأَرْض يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام، يَا حَيّ يَا قيوم. وَيصدق على أَسمَاء تضاهي ذَلِك.
وَمِنْهَا الصَّلَاة على النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " من صلى عَليّ صَلَاة صلى الله عَلَيْهِ عشرا "، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام:
" إِن أولى النَّاس فِي يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم عَليّ صَلَاة ". أَقُول السِّرّ فِي هَذَا أَن النُّفُوس البشرية لَا بُد لَهَا من التَّعَرُّض لنفحات الله وَلَا شَيْء فِي التَّعَرُّض لَهَا كالتوجه إِلَى أنوار التدليات وَإِلَى شَعَائِر الله فِي أرضه والتكفف لَدَيْهَا والامعان فِيهَا وَالْوُقُوف عَلَيْهَا لَا سِيمَا أَرْوَاح المقربين الَّذين هم أفاضل الْمَلأ الْأَعْلَى