وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النائحة: " تُقَام يَوْم الْقِيَامَة وَعَلَيْهَا سربال
من قطران وَدرع من جرب " أَقُول: إِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَنَّهَا أحاطت بهَا الْخَطِيئَة، فجوزيت بتمثل الْخَطِيئَة نَتنًا محيطا بجسدها، وَإِنَّمَا تُقَام تشهيرا أَو لِأَنَّهَا كَانَت قَائِمَة عِنْد النوحة.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَربع فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة لَا يتركونهن " الحَدِيث أَقُول إِنَّمَا تفطن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنهم لَا يتركون لِأَن ذَلِك مُقْتَضى إفراط الطبيعة البشرية بِمَنْزِلَة الشبق، فَإِن النُّفُوس لَهَا تيه يظْهر فِي الْأَنْسَاب وألفة بالأموات تستدعي النِّيَاحَة، ورصد يُؤَدِّي إِلَى الاسْتِسْقَاء بالنجوم، وَلذَلِك لن ترى أمة من الْبشر من عربهم وعجمهم إِلَّا وَهَذِه سنة فيهم.
وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّسَاء يتبعن الْجِنَازَة: " ارْجِعْنَ مَأْزُورَات غير مَأْجُورَات: أَقُول إِنَّمَا نهين عَن ذَلِك لِأَن حضورهن مَظَنَّة الصخب والنياحة وَعدم الصَّبْر وانكشاف العورات.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَمُوت لمُسلم ثَلَاثَة من الْوَلَد، فيلج النَّار " أَقُول: ذَلِك لجاهد نَفسه بالاحتساب ولمعان ذَكرنَاهَا فراجع.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من عزى مصابا فَلهُ مثل أجره " أَقُول: ذَلِك لسببين: أَحدهمَا أَن الْحَاضِر يرق رقة الْمُصَاب، وَثَانِيهمَا أَن عَالم الْمِثَال مبناه على ظُهُور الْمعَانِي التضايفية، فَفِي تَعْزِيَة الثكلى صُورَة الثكل، فجوزي شبه جَزَائِهِ.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اصنعوا لآل جَعْفَر طَعَاما، فقد أَتَاهُم مَا يشغلهم ". أَقُول: هَذَا نِهَايَة الشَّفَقَة بِأَهْل الْمُصِيبَة وحفظهم من أَن يتضرروا بِالْجُوعِ.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَهَيْتُكُمْ عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها " أَقُول: كَانَ نهى عَنْهَا لِأَنَّهَا تفتح بَاب الْعِبَادَة لَهَا، فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ الْأُصُول الإسلامية، وإطمأنت نُفُوسهم على تَحْرِيم الْعِبَادَة لغير الله أذن فِيهَا، وَعلل التجويز بِأَن فَائِدَته عَظِيمَة، وَهِي أَنَّهَا تذكر الْمَوْت، وَأَنَّهَا سَبَب صَالح للاعتبار بتقلب الدُّنْيَا.
وَمن دُعَاء الزائر لأهل الْقُبُور: السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الديار من الْمُؤمنِينَ وَالْمُسْلِمين، وَإِنَّا إِن شَاءَ الله بكم لاحقون نسْأَل الله لنا وَلكم الْعَافِيَة - وَفِي رِوَايَة - السَّلَام عَلَيْكُم يَا أهل الْقُبُور يغْفر الله لنا وَلكم وَأَنْتُم سلفنا وَنحن بالأثر، وَالله أعلم.