ففي مجالات الكيمياء: كانوا أوَّل من جعلوا البارود مادة متفجرة دافقة قابلة لإطلاق القذائف, كما وضعوا كثيرًا من قواعدها وأصولها التي نقلها عنهم الأوربيون بعد ذلك، وتوصَّلوا إلى كثير من الصناعات باستعمال المواد الكيمياوية في الطباعة والدباغة وصناعة المعادن.
وفي الفيزياء: وضعوا كثيرًا من أسس هذا العلم, كما وضعوا نظرية الجاذبية, وتحدَّثوا عن "المغناطيسية" والبصريات، وغير ذلك.
وفي الجغرافيا والرحلات: ارتادوا البحر والفجاج, واستكشفوا الكثير، وكان لهم إنتاج طيب، وظهر منهم أمثال: "الرازي والبكري، والعذري والإدريسي وابن بطوطة".
وفي التعليم: ظهرت أساليب التعليم, وظهرت الجامعات: "جامعة قرطبة، وجامعة غرناطة، وجامعة إشبيلية", ووقف عليها ليس فقط المسلمون, بل هرع إليها غير المسلمين ينهلون من علمها, ويتعلمون منها كيف يتعلمون وكيف يعلِّمون.
وأخيرًا نسوق بعض ما قاله غير المسلمين, والحق ما شهدت به الأعداء.
يقول ماك كيب:
لم تطلع الشمس على أهنأ وأرغد عيشًا، ولا أكثر رغبةً في التمتُّع بالجمال والعلوم والأعمال المجيدة من عرب الأندلس.
ويقول كذلك:
إن العرب الأندلسيين لو تجمَّعوا في فتح أوربا وبقوا فيها قرنين, وأقاموا فيها مدينتهم, كما فعلوا في الأندلس؛ لكنَّا الآن متقدمين خمسة قرون على ما نحن فيه.
ثم يشير لى إغفال المؤرخين الأوربيين لحضارة الإسلام في الأندلس, ويسوق الأسباب لذلك:
هكذا صارت الأندلس بعد أن فتحها الإسلام تعرف النوم وتمضي في ظلال النور، تقيم أعظم حضارة عرفها التاريخ، في كل مجالات العلم والمعرفة والفن، لولا ما أصابها بعد ذلك, فانتقلت إلى دور الفردوس المفقود.